مضى على اجتياح فيروس كورونا.. جميع أرجاء الكرة الأرضية.. نحو ثماني أشهر.. منذ أن أعلنت الصين اكتشافه وعدم سيطرتها عليه.. نهاية العام الماضي.. ومازال المرض ينتشر ويحصد أرواح الآلاف في كل مكان.. رغم إعلان بعض الدول.. توصلها إلى عقارات لعلاجه.. ولا يتوقع أن ينتهي هذا الوباء قريبا.. كما أنه يمكن أن يتحول إلى مرض موسمي.. كغيره من الأمراض.. بعد أن يتم تصنيع العقاقير المعالجة له.
ورغم علم المصريين بعدم انتهاء الوباء واختفاء الفيروس المسبب له.. الا أنهم وكعادتهم لا يقيمون للخطر وزنا.. ويضربون بالتعليمات والإجراءات الإحترازية عرض الحائط.. ويعيشون وكأن شيئا لم يحدث.. ولا يتعظون إلا إذا أصيب قريب أو صديق لهم.. أو فقدوا عزيز لديهم.
المرض لا يزال موجودا.. ويصاب به كثيرين.. خاصة بعد تخفيف الإجراءات والقيود.. التي كانت مفروضة مع بداية ظهور الوباء وانتشاره.. وقد لمست ذلك بنفسي.. ففي زيارتي لقريتي في عيد الفطر.. مايو الماضي.. وقت أن كان الوباء في ذروته.. لم تكن بقريتي حالة إصابة واحدة بالفيروس.. بسبب الالتزام بالإجراءات وتعليمات السلامة والوقاية.. وبعدها بشهرين عدت لزيارة قريتي في عيد الأضحى نهاية يوليو الماضي.. فوجدت الكثير من الإصابات بالفيروس بين أبناء القرية وتوفي بعضهم متأثرا بالفيروس.. ومن بين الذين أصيبوا بالفيروس في قريتي.. طبيبين كانا مديرين لمستشفيات العزل في الإسكندرية.. أحدهما تعافى وهو الدكتور أحمد محمد محسن.. مدير مستشفى العزل بأبي قير.. والآخر الدكتور أحمد ماضي أبوغنيمة.. نائب مدير مستشفى الصدر بالمعمورة.. والذي راح شهيد المرض.. وبكاه كل من عرفه. أو سمع عنه.. أو قرأ رسالته للناس والتي تنبأ فيها بقرب أجله.. ويوصي الله بأطفاله ويطلب من الناس الدعاء.. وقد تناولت العديد من الصحف والفضائيات خبر استشهاده بالفيروس ورسالته الأخيرة.
لقد بذلت الدولة كل ما بوسعها.. ولم تدخر جهدا.. للمحافظة على صحة وأرواح مواطنيها.. ولكن مواطنيها كعادتهم.. لا يطيقون التقيد بشئ حتى لو فيه صالحهم وصالح غيرهم.. وفي بعض الأحيان يتفاخرون بمخالفتهم التعليمات وكسرهم للقيود.. ككسرهم لإشارات المرور وسيرهم عكس الاتجاه.. ويظن البعض أن الوباء قد انتهى.. ويمارسون حياتهم وعاداتهم بشكل طبيعي.. ويقيمون الأفراح والمآتم.. ويتزاحمون على الشواطئ.. ولا يراعون قواعد التباعد الاجتماعي.. ولا يتبعون أبسط قواعد الوقاية والسلامة.. ويلتقون بعضهم بالأحضان والقبلات.. ولا يحرصون على ارتداء الكمامات والنظافة والتعقيم.
لا بد أن يعلم الجميع.. مصريين وغير مصريين.. أن الوباء قد تكون له موجات أخرى أشد مما مضى.. خاصة في فصلي الخريف والشتاء.. التي تكثر فيها الإصابات بالانفوانزا والأمراض الموسمية المعدية.. حتى وإن كانت بعض الدول أعلنت عن توصلها لمضادات للفيروس وعقاقير للشفاء منه.. فهى مجرد أدوية تجريبية.. لم تثبت فعاليتها بشكل كامل.. ولابد أن يعلم الجميع أن الدولة تكبدت الكثير من الخسائر.. خاصة من الناحية الاقتصادية.. والتي ستظهر آثارها السلبية قريبا.. سواء على المستوى المحلي.. أو على المستوى الدولي.. ولم تعد الدول قادرة على تحمل المزيد من الخسائر.. خاصة في ظل الهبوط والركود الذي يعاني منه العالم أجمع حتى قبل جائحة كورونا.. وليتحمل كل شخص مسئولية سلامته الشخصية وسلامة من حوله.