الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الهجرة رسالة لبعث الأمل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عام هجرى جديد هل علينا، بعد عام مضى ولم نشعر بوجوده، في ظل الإنشغال بالوباء الذى إلتهم الكثير من العام..بالإضافة إلى الأحداث العالمية والإقليمية التى تضيف إلى الوباء الكثير من البلاء..ومع ذلك لا بد من إستقبال مولد العام الجديد بالكثير من البشر والتفاؤل، عل الأيام القادمة تحمل لنا ما يسعد قلوبنا، ويزيل آثار عدوان كورونا علينا، بما سببه من خوف وقلق واكتئاب للصغار والكبار، وبما أحزننا من فقد لأحبة أو أحبة الأحبة..وفى ظل هذه الحالة ساقتنى الصدفة إلى الإستمتاع بفن راقى كان بمثابة حفل خاص بى، وبدأت هذا الاحتفال بالعام الهجرى الجديد بالإستماع إلى عمل غاية في الرقى والإبداع وهو أغنية "طلع البدر علينا..يملأ الكون ضياء"..كلمات الشاعر د.محمود عبد الظاهر، وغناء المطرب الكبير.محمد الحلو..ورغم أن العمل أحد إبداعات المؤلف الموسيقى القدير.ياسر عبد الرحمن، والذى تنال أعماله قدرا كبيرا من إهتمامى وتقديرى، إلا أننى لم أستمع إليه من قبل، رغم أنه ظهر للنور في 2007!..حيث كان "التتر" للمسلسل السورى"سقف العالم" الذى إستهدف الرد على الإساءات التى تعرض لها الإسلام، بنشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول في صحيفة "جيلاندس بوستن" الدنماركية..فأستدعى المسلسل مرحلة في التاريخ كانت الدول الإسلامية قد وصلت فيها إلى سقف العالم في العلوم والطب والثقافة والمعرفة، في حين كانت الدول الغربية تغوص في البدائية والجهل والظلام..وإستند العمل على ما كتبه الرحالة.أحمد بن فضلان الذي أوفده الخليفة المقتدر، إلى الدنمارك ضمن رحلة للدول الإسكندنافية قبل أكثر من ألف وتسعين عامًا..فكان ردا حضاريا وموثقا على التطاول على المقدسات الإسلامية..أما أغنية التتر التى سمعتها كعمل مستقل، فكانت غاية في الإبداع والجمال، وهزت مشاعرى وابكتنى، وملأت وجدانى بأحاسيس روحانية شجية ونقية، وجعلتني أستشعر ما وراء هجرة الرسول من معاني، على الرغم من أن كل ما يحيط بفكرة الهجرة مؤلم ومخيف..الكلمة بكل حروفها وتشكيلها ومعانيها، الهجرة والهجر والهجران والهجير، لذا تبكينى وخاصة اذا اجبر عليها إنسان كما حدث للرسول عليه الصلاة والسلام ولكل الأنبياء الذين كتبت عليهم الهجرة..فسيدنا نوح الذى صنع الفلك كى يهجر قومه، وجاءهم الطوفان وأبادهم بعد أن كفروا بدعوته..وسيدنا.لوط الذى أمره الله بالخروج من القرية الظالم أهلها، وخسف بهم الأرض..وسيدنا.إبراهيم الذى هاجر من بابل إلى بلاد الشام بعد أن رفض قومه دعوته، ثم تركها وهاجر إلى مصر، ومنها إلى مدين، وعاد مجددا إلى مصر..وسيدنا.شعيب الذى نهى قومه عن أفعالهم ومعاملاتهم السيئة فرفضوا الانصياع، فأوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية..وسيدنا.يونـس الذى هاجر قبل أن يأمره الله، بعد أن ضاق صدره من قومه لرفضهم وصدهم دعوته، وبعد أن نجاه الله من بطن الحوت، عاد إليهم مرة أخرى..وسيدنا.صالح الذى أرسله الله إلى قوم ثمود، فلم يصدقوا دعوته وطالبوه بمعجزة لإثباتها، فكانت الناقة التى انشقت من صخر الجبل، فخالفوا أمر الله بألا يمسوها بسوء، وتآمروا على قتلها، فتركهم وهاجر وأهلكهم الله بصيحة إنقضت عليهم..كذلك كانت هجرة آل يعقوب إلى مصر بعد أن صار سيدنا.يوسف عزيز مصر..وكانت رحلة العائلة المقدسة(المسيح-والسيدة مريم العذراء-ويوسف النجار) وهجرتهم إلى مصر هربا من الطغاة الذين حاولوا قتل المسيح..لذلك كانت الهجرة حكمة لله سبحانه وتعالى..فما يكتسبه الإنسان من قوة وقدرة وعلم وخبرة من الهجرة لا تتوافر لمن لم يجربها..ومع ذلك تقبضنى كلمة الهجرة بوجه عام، وهجرة سيدنا رسول الله بوجه خاص، وتسكننى ألام شعرها الحبيب المصطفى وهو يفارق أحب أرض الله اليه، ويفتقدها فارا بدين الله إلى عالم مجهول، وفقد السكن والسكينة والاهل، وفقد المكان التى تهفو له النفس مكة المكرمة، وما عاناه هو والرفيق الحبيب والصديق الصدوق سيدنا أبو بكر الصديق، بجانب معاناة كل الأهل والأحبة وهم يعلمون بخروجهما من الوطن وستره، لتلمس بعض الأمان لتوصيل الرسالة..الرحلة شاقة ومؤثرة عرفناها ودرسناها صغارا ومع ذلك لانفقد الشغف بها أو نمل من سماع تفاصيلها..وقد تركت داخلى بغض لفعل الهجرة، وحتى للكلمة..ودائما ما افكر في معنى الهجرة واتساءل: هل الهجرة وغربتها في الابتعاد عن المكان?!ام ان هناك هجرة أشد وأقسى يعانى منها المهاجر قبل اتخاذ القرار؟!..فكم منا يهاجر بعقله ومشاعره عن المكان الذى يعيش فيه ويهجره ويهجر من يعيش معهم بحثا عن عالم آخر، وربما يكون عالم إفتراضى أو خيالى، ولا نكلف أنفسنا في البحث عن المتاح بين أيدينا والرضا به..أو محاولة إصلاحه كى نصل للرضا!