الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

التفكير خارج الصندوق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يستخدم معظمنا تعبير "التفكير خارج الصندوق" دون أن يعي ذلك العالم الذي يركض خلف هذا المعنى. إننا نتعامل مع هذه الكلمات الثلاث كما نتعامل مع ساعة أنيقة دقيقة، دون أن نرى حركة التروس التي تعمل بنشاط خلف واجهتها الملساء اللامعة. يعد "التفكير خارج الصندوق" أسلوبًا إبداعيًا في التفكير يعتمد على تغيير أدواتك قبل تغيير أهدافك التي قد تتغير أيضًا بتغيير تلك الأدوات. إذ تبدأ باستعداد كبير لهجرة تلك الأساليب التقليدية الساكنة في صندوق حياتك، وربما مجتمعك، من أجل حل مشكلة ما أو تحقيق نجاح ما. فتخرج من جلدك مرتديًا أثوابًا جديدة تصل بها لغايتك بأسلوب غير معتاد.
استخدم هذا التعبير للمرة الأولى في مقال نشر في مجلة (أسبوع الملاحة وتقنية الفضاء) عام 1975م، في عبارة "يجب أن نرجع خطوات للخلف، ونرى إن كانت حلول مشاكلنا تقع خارج الصندوق". لينتشر بعد ذلك التعبير انتشارًا كبيرًا. عندما تنظر للتعبير للوهلة الأولى تجد أنه يشتمل على كلمتين: (خارج والصندوق). وكي تخرج من الصندوق يجب أن تعرف مسبقًا ماهو الصندوق؟. ويعني الصندوق ببساطة كل ما هو تقليدي أو معتاد بالنسبة لك، أو بالنسبة لمجتمعك حسب الحدود التي تكون صندوقك، فهناك أيضًا صناديق كثيرة في الحياة، هناك صندوق للأسرة وآخر للشركة وثالث للأصدقاء. وهناك صندوق للأفكار ذات الضرورة الملحة وآخر للأفكار ذات الأهمية القليلة. كما أن للصناديق نكهات وألوان تقع في حب بعضها ليتحول من التقليدية لجزء من شخصيتك، يغيب بغيابه جدار داعم كبير في حياتك. لذا تختلف قدراتك على الخروج من الصندوق باختلاف مواصفات وأنواع الصناديق ذاتها. عليك أن تعرف أن خروجك من الصندوق يعني في كل الأحوال أنك واحد من اثنين: (الأول شخص مبدع لا يجيد التفكير إلا بطريقة مختلفة كموهبة فطرية، والثاني شخص محتاج لحل مشكلاته بعد أن نفدت منه كل الحلول). وفي كلٍ من الحالتين أنت تحتاج لإجراء عدد من التقييمات للصندوق الذي أنت فيه، لتحدد ما هو بالضبط، حتى لو دون وعي، ثم تخرج منه بإحساس المفكر لا المتأزم.عليك أن تتذكر دائمًا أن توماس إديسون حين اخترع المصباح الكهربائي كان لديه عبارة آمن بها هي: "هناك دائمًا حل يختبيء في مكان ما يجب أن تعثر عليه".
يؤكد العلماء أن الأطفال يفكرون خارج الصندوق لأنهم لم يكتسبوا منا كل الصناديق لكل تفاصيل حياتهم بعد، مما يعني أننا نولد أحرارًا مبدعين فكريًا، ثم نقيد أفكارنا بإرادتنا واحدًا تلو الآخر، لتصبح الأفكار محدودة بصناديق مهما كانت واسعة تكون ضيقة حين تصل لحدودها الموجودة والحاكمة لحركتك بالفعل. لكنها تشعرك بالأمان لأن تزودك بتصرفات مأمونة العواقب "واللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش". 
هناك اختبار شائع الاستخدام لمعرفة قدرة الأشخاص على التفكير خارج الصندوق، ربما مر بنا جميعًا ولم ندرك أنه ينتج علميًا مؤشرًا حقيقيًا على قدرة الأفراد على ذلك التفكير الإبداعي، وهو لغز التسع نقاط. يتكون هذا اللغز من تسع نقاط مرصوصة بشكل مصفوفة مربعة ويطلب من المتسابق محاولة الربط بين هذه النقاط بأربعة خطوط مستقيمة من دون رفع القلم أو العودة فوق الخط المرسوم مرة أخرى حتى الانتهاء من الحل، وهو لغز لا يمكن الوصول لحله باستخدام حلول تقليدية، وتنتقل عبر مستوياته للأعلى بزيادة عدد النقاط المطلوب توصيلها بخطوط مستقيمة متصلة، وعدد الخطوط أيضًا. 
يوفر التدريب على التفكير خارج الصندوق عددًا أكبر من المبدعين، وعددًا أكبر من هؤلاء الذين يجيدون استخدام عقولهم بشكل أفضل، ونتائج لا متناهية من الأفكار الإبداعية. لا يتطلب الأمر سوى بعض الشجاعة، والشجاعة فقط.