الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الوجه الجميل للموت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يطل علينا الموت كل يوم من الفضاء الأزرق وكأن هناك من يلاحقه ليجذب أكبر عدد من الأرواح في فترة وجيزة كي يعبرون الى الجانب الآخر من الحياة، جدارٌ من الخوف والرهبة والمجهول يقف حائلا بيننا وبين الموت ، لا ندري ما خلف الجدار، هل ننجذب الى النور كما الفراشات فنحترق، أم يغشانا الانبهار بجماله فننعم بالسكينة ؟.
فنحن نموت ولا ندرى، أتموت معنا ذكرياتنا أم تظل حية، ذكرياتنا عن قلوبٍ أحببناها، ومذاقاتٍ ابتلعناها، وأجسادٍ ارتديناها وامتزجنا بها وسبحنا معها في أنهارٍ من الحب والخيال والروعة .
كلنا نخشى الموت، نخشى مفارقة الأحباب، نخشى الوحدة والمجهول وظلام القبر .
فكثيرا ما يتبادر الى ذهني تساؤلات ..
هل الموت هو إنقطاع تيار الوعي ؟ أم إنتقال الوعي الى مستوى أعلى ؟
إن اعتقدنا بغرائزنا البدائية الأولية أن الموت هو إنقطاع تيار الوعي، حيث يتحلل الجسد فلا يبقى منه سوى عظامٍ، ثم يأتي الدود لينخر في عظامنا فتتحول الى رفاتٍ بمرور السنين ، فإذا كان هذا مفهومنا الوحيد عن الموت، وهذه هي المشاهد المتتالية المحفورة في أذهاننا عبر أقاويل السابقين، فإن هذا يرعبني حد الموت، ينزع عني كل كرامة، يتركني وحيدة أمام حقيقته القاسية .

أما إن اعتقدنا أن الموت هو انتقال الوعي الى مستوى أعلى، حيث ينكشف عنا الغطاء ويصبح بصرنا حديد، حيث تنسلخ أرواحُنا بيسر وسلاسة من أجسادنا وتهيم في ملكوت الله، تتبع طيور الجنة أينما ذهبت، تُسبَّح وتَسْبَح في مدارٍ خاصٍ بنا لا نتخطّاه، حيث يُسمح لنا بزيارة أحبابنا في المنام، نعلم ولا نعمل، نرى ولا نتكلم، نلتقي بمن فارقناهم وأتعبنا الشوق اليهم، استراحة قصيرة أشبه بالنوم اللذيذ تعوضنا عن الفقد والوحدة، حيث نأتنس بهم ونلتمس منهم النصيحة وعلامات الطريق، وربما يكون بداية أخرى لمستوى أعلى من الحياة الغيبية، وصولا الى موعد اللقاء الأعظم الذي نجتمع فيه بخالقنا فيرحم ضعفنا ويحاسبنا برحمته وليس بعدله وهو الرحيم الودود .
هذا اليوم الذي تفتح فيه السماوات أبوابها لترحب بنا، تعانقنا برحمةٍ من الله مُهلِّلة : ادخلوا عباد الله، فقد خُلِقتم في كَبَد، اليوم ينزاح عنكم الشقاء والبؤس، اليوم تقويمٌ آخر لكم، طِبتم فيها خالدين .