الخميس 02 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

في آداب الحزن على الموتى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الموت سنة الله في خلقه، وهو الحقيقة الذى لا مفرّ منها، كما أن الله سبحانه وتعالى خلق الموت قبل الحياة، حتى يُذكر الناس جميعاً بالوفاة قبل الحياة حتى يعتبر أولي الأبصار والعقول، يقول الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك : ٢]، فإذا مات الميِّت فإنَّه يجب على أهله خصوصًا، وعلى أقاربه عمومًا، أنَّ يلتزموا بشرع الله، وأنَّ يحذروا من الميل والانحراف بارتكاب مخالفات شرعيَّة، وأخطاء تُعدّ من أفعال الجاهلية، ومن هذه المخالفات والأخطاء ما يأتي:
النواح والندب على الميت:
وهو أمر زائد على البكاء، بأن تقوم المرأة بالنواح على الميت، فتقوم معها نساء أُخريات يساعدنها على النياحة والندب، وهذا من فعل الجاهلية وعاداتها التي جاء الشرع فأبطلها؛ فيرفع الصوت بتعديد شمائل الميِّت، ومحاسن أفعاله؛ فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنَّ النبي ﷺ قال: «أربعٌ في أمَّتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخْر في الأحساب، والطَّعن في الأنساب، والاستسقاء بالنُّجوم، والنياحة، وقال: النائِحة إذا لم تتُبْ قبل موتها تُقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب» [رواه مسلم]، وفي هذا الحديث يحذزنا النبي ﷺ من أمور أهل الجاهلية التي لا تزال عالقة ببعض الناس، ثم حذَّر النبي ﷺ النساء النائحات وحثهم على التوبة عن النياحة قبل موتهن، ولذلك كان النبى ﷺ يأخذ على النساء عند البيعة ألا ينحن؛ فعن أم عطية رضي الله عنها قالت: «أخذ علينا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند البيعة ألا ننوح» [رواه البخاري]، وفي هذا الحديث تخبر أم عطية رضي الله عنها أنَّ النبي ﷺ أخذ منهنَّ البيعة على ألَّا يشركن بِالله شيئًا، ونهاهنَّ عن النياحة، وهي ما كانت النساء اعتادت فعله عند موت قريبٍ لهن.
لطم الخدود، وشق الجيوب:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: «ليس منَّا من ضرب الخدود، وشقَّ الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية» [رواه البخاري ومسلم]، وفي هذا الحديث يُبيِّن لنا النبي ﷺ الآداب التي يجب أن يتحلى بها المسلمون عند تعرضهم لمصيبةٍ أو ابتلاءٍ فيقول: ليس منَّا، أي: ليس من أهل سنتنا وطريقتنا، من لطم الخدود، أي: من أظهر الجزع والحزن والسخط على قَدر الله في أفعاله فلطم الخدود، وشق الجيوب، جمع جيب وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس أي: وشق ثيابه من شدة الجزع ودعا بدعوى الجاهلية، أي: وناح على الميت كما كانوا يفعلون في الجاهلية؛ فالإسلام ينهى عن الإسراف والتفريط في كل شيء، حتى في المشاعر والأحاسيس، ويأمر بالاعتدال والتوسُّط في كل شيء؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ رُفع إليه ابن ابنته وهو في الموت، ففاضت عينا رسول الله ﷺ فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: «هذه رحمة، جعلها الله تعالى في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرُّحماء» [رواه البخاري ومسلم]، وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجُود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله ﷺ تذرفان، فقال له عبدالرحمن بن عوف: وأنتَ يا رسول الله؟ فقال: «يا بن عوف، إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى فقال: إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنَّا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون» [رواه البخاري ومسلم]؛ فيستحب أن ينفس الإنسان عن حزنه بالبكاء، وبالكلام الذي يرضي الله ولا يغضبه، وختامًا أسأل الله أن يرزقني حسن الخاتمة.