انهمرت الدموع من عيون الفقراء وعلت الهتافات في الحناجر.. مع السلامة يا ابو الخير.. يا طبيب الغلابة يا سند المرضي الفقراء، وانشغلت وسائل التواصل الاجتماعي والصحف ووسائل الإعلام المختلفة حزنًا على وفاة طبيب الغلابة دكتور محمد مشالي الذي انحاز بفكره وعلمه وانسانيته وعيادته المتواضعة انحيازا إلى الغلابة والفقراء ضاربًا النموذج الإنساني لمهنة الطب.
وقد احس الفقراء بمدي انسانيته وخدماته عليهم في مواجهة العوز الطبي والفقر المالي والاجتماعي وانفجر رد الجميل ليكون الحصاد من نفس الزرع وقد جاءت المحبة من الفقراء والناس من محبة الله كما جاء بالحديث القدسي « إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض."
ومن هنا تكون المحبة لله وفى الله من صنف العمل والزرع ويكون الحصاد وقد ضرب دكتور مشالي النموذج في ترفع وذهد حلم الاطباء الشبان الشهير فيما يسمي بـ « الخمسة عين « « عيادة – عروسة – عربية – عمارة – وعزبة «.
واكتفي بالتواضع والبساطة وهو الذي كان يحمل الخير والحب والصدق في قيمة الكشف الرمزية أو تقديم العلاج متبرعًا ومسامحًا في اجره الزهيد راضيًا بهدفه ودوره على حد قولة « انا من الغلابة وسندًا لهم « حاملًا في قلبه مأسي الفقراء الذين يموتون جوعا أو خوفًا من المرض أو بسبب الإهمال أو الفساد.
وقد بزغ نجم مشالي في وقت حرم منه الفقراء من الخدمات المجانية للعلاج والكشف في المستشفيات الحكومية والعيادات ومراكز الرعاية الصحية التى شيدت باموال الشعب..
وقد ارتفع اسم طبيب الغلابة امام المتاجرة بالمرضي بالمغالاة في تسعير الكشف الطبي والخدمات العلاجية الخمسة نجوم والمستشفيات والمراكز الخاصة لعلاج القادرين حيث « انتشار مراكز تصغير الفم والصدر وتجميل الاسنان وشفط الدهون وتحسين الرموش وعمليات التجميل « وفتح السلاسل والفروع للصيدليات وكانها سلاسل تجارية لمستحضرات التجميل والدواء المستورد مع اختفاء دواء الفقراء الوطني وتخريب صناعة الأدوية الحكومية التى كانت تملك ١١ شركة لإنتاج الدواء ومستلزمات الإنتاج والتعبئة والتوزيع وحيث الاتجاه بالسياسات العلاجية إلى الخصخصة.
ونحن الآن امام تجربة التأمين الصحي الاجتماعي التى تسير بخطي السلحفاة واصبح العلاج للقادرين فقط والخدمات الصحية في امس الحاجه في التطوير.
من هنا كرم الفقراء طبيبهم البسيط وجاء الانفراد الاول بكلمات شيخ الازهر الموقر دكتور أحمد الطيب وعلى حسابه الشخصي « ان طبيب الغلابة ضرب المثل في الإنسانية وعلم يقينًا ان الدنيا دار فناء فأثر مساندة الفقراء والمحتاجين حتى اخر حياته.. «.
تلي ذلك العزاءات الرسمية من الحكومة ومحافظ البحيرة وبعض كليات الطب والجامعات وجاءت الرسومات لصور مشالي على الجداريات في الميادين العامة والشوارع وغيرها من أعمال منحوته وصور على الجداريات لتكريم الرمز.
ليذكرنا باطباء مصريين في أنحاء المحروسة حفظتهم ذاكرة المواطنين الفقراء منهم العظام المحبوبين الاطباء « محمد غنيم – إبراهيم بدران – حسام موافي – مجدي يعقوب – مصطفى محمود وأحمد عصمت عبد المجيد « ونماذج المتبرعين بالمستوصفات والمستشفيات الأهلية والمساندين للفقراء.
كما تتسع الذاكرة الوطنية للمصريين لتذكر اطباء الوجه القبلي امثال « اسماعيل موسي – طوسن زعزوع – جبريل يوسف – الأحمدي السمان وغيرهم من الاطباء المحترمين «سمير فياض المؤسسة العلاجية»، «مختار السيد امبابة»، «محمد حسن عواض معهد الاورام « والمدافعين عن الحق في الصحة للمواطنين منهم « محمد حسن خليل وعلاء غنام «
ويمتد الامر إلى اطباء الوجه البحري بالمحليات منهم «دكتور محمد وفيق خليل نقيب اطباء إسكندرية – نهال الشقنقيري « أطفال ضعاف البصر « – فؤاد منير ونهله خربوش «.. ومن قبل دكتور حمزة البسيوني الطبيب والمقاوم ضد معاهدة ١٩٣٦ والاحتلال الإنجليزي والذي جسم شخصيته في فيلم ط لا وقت للحب « الفنان رشدي اباظه.. فضلا عن الدكتور على النويجي في كفر الشيخ وغيرهم من اطباء رحماء في كفور وشوارع الاحياء الشعبية في المحليات.
وقائمة الشرفاء لمهنة الطب الإنساني طويلة وقد استحق الاطباء المصريين واطقم التمريض والعاملين معهم في مواجهة جائحة كورونا لقب « الجيش الأبيض « أن مهنة الطب في الأساس هي عنوان الإنسانية.
ما احوجنا الاهتمام بتطوير الخدمات الطبية التى اكدت عليها المادة ١٨ من الدستور التى اكدت على حق المواطنين في الرعاية الصحية المتكاملة واقامة نظام تأمين صحي شامل وتحسين أوضاع الاطباء وهيئات التمريض والعاملين في الصحة...
ان تحويل نص الدستور إلى واقع فعلي هو غايتنا من اجل صحة أفضل للمصريين الذين يستحقون بالتأكيد حياة أفضل.