أعود للكتابة عن قانون 148 لسنة 2019 الذي شطب حق المعاش المبكر لمن امضى عشرين عاما مشتركا بالتامينات الاجتماعية، أكتب من جديد وأنا على يقين أن مكتب الإعلام بوزارة التضامن سوف ينقل مقالي هذا ضمن مواد صحفية أخرى ويقدمها للفاضلة وزيرة التضامن في ملف البوسطة الصباحية الخاصة بما نشره الإعلام عن الوزارة، وأعرف ايضا ان الوزيرة الفاضلة سوف تؤشر بقلمها الأحمر على بعض المواد للمتابعة وأتمنى ألا تنحي مقالي هذا جانبا دون رد، فالمقال يتناول أمراً ليس خارجاَ عن اختصاصها.
فالحقيقة هي أن قضية المعاش المبكر التي دمرها القانون سالف الذكر عالق في رقبة الوزارة مهما تجاهلت وزارة التضامن صرخات المتضررين، وأن حقنة المخدر التي يتلقاها ضحايا القانون والمعروفة باللائحة التنفيذية التي لم تصدر بعد سوف تفقد مفعولها وسوف يصرخ عشرات الآلاف من المتضررين ذات يوم في غضب لا نريده في بلادنا.
القضية واضحة وضوح الشمس، علاقة تعاقدية بدأت منذ عشرين عاما تحصل بموجبها التأمينات على حقها كاملا في مقابل رد حقوق المشتركين في وقت محدد كمعاش شهري يعينهم على مواجهة قسوة الحياة، وتأتي محاولة الهروب من رد حقوق الناس كمحاولة فاشلة لأن في مصر قضاء شجاع سبق له أن أعاد علاوات خمس لمتضررين في المعاشات ولم تحصد الحكومة والوزارة سوى وجع الرأس بعد أن صنعت بيديها أزمة وغضب بين الناس وصل إلى اعتصامات ومراسلات وحشد في جلسات التقاضي ولولا حكمة وتوازن القائد العمالي الكبير البدري فرغلي لحدث ما لايحمد عقباه.
الآن تكرر وزارة التضامن نفس الخطأ، لم يطلب المتضررون منحة أو مكافأة، حتى أن البعض منهم طالب بمدخراته فقط التي أودعها خزانة التأمينات على مدار عشرين عاما لكي يقوم بتجهيز ابنته للزواج او يدفع مصاريف أبنائه في التعليم وأزيد على ذلك أن بعض من انتهت خدمتهم قسرا في القطاع الخاص واتموا عشرين عاما في الخدمة يطلبون مستحقاتهم لكي يشتري طعاما لأسرته، نعم وصل بنا الحال إلى هذه الدرجة .. غدر من القطاع الخاص الذي أخذ العمال لحما ورماهم عظاما ثم غدر من التأمينات الاجتماعية بالالتفاف على حقوقهم.
الكمين الجديد يتجه إلى تسوية موقف من انتهت خدمتهم في 31 ديسمبر 2019 وبذلك تغلق الملف وفي هذا شعوذة قانونية لا يقبلها العقل ولا يرضى بها المنطق، لذلك وبكل الصدق والالتزام الوطني نقول احذروا من غضب الجوعى، مصر التي انطلقت في البناء بعد 30 يونية لا ترضى ابدا بضياع حق واضح مهما تفلسف مستشارو وزارة التأمينات في حسابات اكتوارية مخادعة.
المطلوب ببساطة هو سرعة تحرك العقلاء في الوزارة والدولة وضبط اللائحة التنفيذية التي لم تصدر رغم مرور ثمانية أشهر على صدور القانون، وأن يتجه هذا الضبط إلى صياغة سطر واحد وهو أن شروط المعاش المبكر التي جاءت في قانون 148 تنطبق على كل مشترك جديد في التأمينات ابتداء من 1 يناير 2020 أما أصحاب الحقوق في القانون القديم فحقوقهم محفوظة، وهذا الاقتراح ليس بدعة أو محاباة لأصحاب المراكز القانونية الثابتة واذا اردت الحكومة مثلا عمليا لما اطالب به ادعوها للنظر إلى ما أصدرته قانون تأجير المساكن فعندما قررت التعديل جاء التنفيذ على المتعاقدين الجدد ولم تمس أصحاب العقود القديمة، وقتها استراحت الدولة واراحت، فلماذا الآن يتم الكيل بمكيالين؟ مرونة وتفاهم مع عقود الإيجار وتشدد وتعنت مع عقود التأمينات، لم يعد هناك مجال أمام الوزيرة بعد مطالعة هذا المقال، فأصحاب الحقوق لهم ألسنة وأقلام ومنصات القضاء، لهم الحق واضح وضوح الشمس ولهذا كله نقول أوقفوا الغضب وانزعوا الاحتقان وأعطوا أصحاب الحقوق حقوقهم.. دولة 30 يونية لا يمكن أن ترضى بذلك.