الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

السيسي .. يحرق أمريكا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 للمرة الثانية يشعل المشير عبد الفتاح السيسي النار في ملابس أمريكا، لكنها هذه المرة كانت بعضاً من نار جهنم، بعد حريقه الأول بإفشال خطة تمكين الإخوان من مصر وبالتالي من العالم العربي، والتأكيد على أحادية السيطرة الأمريكية على العالم بأسره مع "تحجيم" الدور الروسي إلى "ما يمكن تحجيمه". 

لكن.. إذا كان فلاديمير بوتين – بالنسبة للولايات المتحدة – هو "جركن البنزين" فقد أثبت السيسي أنه "عود الثقاب"، وإذا كانت "بلاد الحرية" قد "تأبطت شراً" لمجرد زيارة وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو ووزير الخارجية المحنك  سيرجي لافروف - في الثلث الأول من ديسمبر الماضي - لمصر، والالتقاء بالسيسي وأركان الحكومة المؤقتة، لكنها – أي الولايات المتحدة – لم تظن أن الأمور يمكن أن تبتعد وتصل لذلك الود وتلك الحميمية اللتين ذوبتا جليد أكثر من ثلاثين عاماً بعدما أعلن السادات عام 1972 "استغناءه" عن خدمات الخبراء السوفيت تقرباً وتزلفًا لأمريكا بحثاً عن "ضالته"، وهي إعادة الأراضي المحتلة مقابل اتفاق سلام يتلهف للتوقيع عليه، ومذكرات كيسنجر تؤكد ذلك، قبل أن تجبره القوات المسلحة على توقيع أمر الحرب.

 ولما لم يرد السيسي الزيارة بسرعة، وهو ما يعكس ترويه واعتماده على "تقدير الموقف" الذي اعتاد عليه وجربه طويلاً ، بدا لأمريكا أن النسيان بدأ يلف الزيارة المفاجئة لرجال الدب الروسي لكن السيسي فاجأها ببدء رحلته المعلنة وكأنه "يقول" لأوباما إنه متجه إلى موسكو على متن طائرة خاصة بعيدة عن أيّة بهرجة رسمية، وبعد عدة ساعات كان أوباما وفريقه الرئاسي يتابعون بحسّ المهزوم، جرأة هذا الفيلد مارشال المصري الذي أعاد في حلوقهم مرارة الماضي "الناصرية" بكل ما حملت من تحدٍّ وكبرياء .

ومرة أخرى يشعل السيسي النار في الثوب الأمريكي غير هيّاب ولا وَجِل، وجاء لقاؤه وبوتين – على عكس أعراف الكرملين – ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن خريطة تحالفات العالم قد تغيرت، وأن التوازن المفقود عاد يرفرف على جناحي علميّ مصر وروسيا، كما أكد للداخل ولشعب الثورتين أن مصر خلعت عنها رداء التبعية الحقير، كما تخلصت من هوانها وانكسارها وشيخوختها وعادت فتية، عفية، حرة وعاتية.  

ومثلما قدم السيسي أوراق اعتماده الرئاسية للصديق وللعدو، للشعب - بمؤيديه ورافضيه - فعليه أن يعلم أن الطريق طويلة وقاسية ومليئة بالألغام و"المفخخات"، وعليه الحذر كذلك لأن الاستحقاقات القادمة أعتى من أيّة وعورة وأقسى من أي احتمال .

وعلى "الرئيس" السيسي – لأن ذلك لا شك فيه – أن يبدأ بالمسار الصحيح: الفقراء وأبناء السبيل من خلال "مخيلة" تنموية "مبدعة"، وحلول "نموذجية" غير مسبوقة ومرتكزة على العلم والمعرفة وصدق النوايا، وساعتها سيأمر فتطيعه الجماهير مثلما لم تخذله من قبل، حتى وإن كان الأمر ببذل العرق والتحول لشعب "عامل" حقيقي، ولأن يترجموا هذا العشق العريض والوله "المرضي" بمصر وترابها الزعفران إلى طاقة جبارة تصون ولا تبدد، تبني بلا تردد، تحمي ولا تهدد.. كما قال عبد الناصر يوماً .

إن التاريخ الآن يقف على أطراف أصابعه بعد أفول دولة الإخوان منتظراً أن يكتب بمداده الذي لا ينمحي بداية "النشوء والارتقاء" لمصر الحديثة الجديدة، أو الدولة الكبيرة، الكبيرة التي قد تكون "قد الدنيا" أو لا تكون.