الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الحقوق الدستورية للصحافة والإعلام

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ليس من شك في أن للصحافة والإعلام دورًا بالغَ الأهمية في التأثير على مجريات الأمور في ظل الأحداث الراهنة التي تمر بها منطقتنا العربية، ولا أبالغ إن قلت: إن الصحفي الحق هو ضمير الأمة الواعي وقلبها النابض؛ ومن ثم كان لزامًا عليه أن يكون صادقًا أمينًا؛ لأنه يُؤثر في عقول الفئة العريضة من المجتمع، والأمر ذاته بالنسبة إلى الإعلامي.
والصحافة والإعلام من هذا المنطلق يُعَدان من أكثر الوسائل التي تضمن للإنسان الحرية؛ بحيث يمكن القول: إن حرية الصحافة والإعلام تُعدُّ مقياسًا لحرية الشعوب، وقد نصت على هذه الحريات الإعلانات الوطنية والإقليمية والدولية، وجميع الشرائع والدساتير العالمية، بدءًا من الشريعة الإسلامية، ومرورًا بالإعلانات العالمية، وصولًا إلى الدساتير الوطنية.
ومن ثم، فإنهما يلعبان دورًا مهمًّا في نقل مختلف الأفكار، ولهما دور سياسي واجتماعي كبير في تنوير العقول ورفع اللبس ونشر الحقائق للناس، ومع ذلك لا ينبغي أن يُعفى الصحفيون والإعلاميون حينما يتجاوزون الحدود بإحداثهم أضرارًا تمس الفرد أو النظام العام للدولة التي يقعون تحت نظامها القانوني. 
ولقد تناثرت في دستور 2014 عدة مواد في مختلف أبوابه، اجتمعت كلها على تقرير حرية الرأي والتعبير لكافة المواطنين، وأعطت للصحفيين والإعلاميين حقوقًا لم يُسبق إليها في الدساتير السابقة، بل إن في بعضها ما يفوق ما هو موجود في كثير من دساتير دول العالم، وتتلخص هذه الحقوق الدستورية فيما يأتي:
(1) حق الصحفي والإعلامي في الحصول على مصادره وحمايتها:
تنص المادة (68) من الدستور المصري الحالي على أن: 
• «المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية. 
• وينظم القانون ضوابط الحصول عليها وإتاحتها وسريتها، وقواعد إيداعها وحفظها، والتظلم من رفض إعطائها، كما يحدد عقوبة حجب المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا.
• وتلتزم مؤسسات الدولة بإيداع الوثائق الرسمية بعد الانتهاء من فترة العمل بها بدار الوثائق القومية، وحمايتها وتأمينها من الضياع أو التلف، وترميمها ورقمنتها، بجميع الوسائل والأدوات الحديثة، وفقًا للقانون».
فهذه المادة من الدستور أكدت على حرية الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية باعتبارها ملكًا للشعب، واعتبرت الإفصاح عنها من مصادرها المختلفة حقًّا يجب أن تكفله الدولة لكل المواطنين، وأن تلتزم بتوفيرها وإتاحتها لهم بشفافية تامة.
وينظم القانون ضوابط الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات وإتاحتها وسريتها، كما يحدد القانون عقوبة لحجب تلك المعلومات أو إعطاء معلومات مغلوطة عمدًا.
ولا شك في الأهمية الكبيرة لهذه المادة بالنسبة لعموم المصريين لمعرفة ما يجرى في بلادهم من أمور، إلا أن هذه الأهمية تزداد بشكل أكبر بالنسبة للصحفيين والإعلاميين الذين يقوم عملهم على الحصول على تلك المعلومات بصورة تفصيلية ودقيقة، من أجل نقلها للرأي العام، كما يستندون إليها فيما يطرحونه من قضايا وموضوعات تتعلق بالشأن العام، ولهذا نصت المادة على إتاحة كافة المعلومات لهم دون شروط أو عقبات، مع الأخذ في الاعتبار ألا تشكل هذه المعلومات تهديدًا للأمن القومي.
وغير بعيد عن هذا السياق أتت المادة التالية (69) لكي تُلزِم الدولة بحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها في المجالات كافة، وإنشاء جهاز متخصص لرعاية تلك الحقوق وحمايتها القانونية، وهو الأمر الذي يُضفي مزيدًا من الحماية القانونية على ما ينتجه الصحفيون والإعلاميون من كافة صور الإبداع وأشكاله، وهذا ضمن حماية أشمل لكافة المواطنين المبدعين في مجالاتهم.
فقد نصت المادة (69) من الدستور على أن: «تلتزم الدولة بحماية حقوق الملكية الفكرية بشتى أنواعها في كافة المجالات، وتُنشئ جهازًا مختصًّا لرعاية تلك الحقوق وحمايتها القانونية، وينظم القانون ذلك».
والهدف من ذلك هو حماية حق الصحفي في الاحتفاظ بأسرار مصادره، وذلك بشكل مطلق دون أية استثناءات، وحتى لا يتعرض للضغط من أي سلطة مهما كانت، كما أنه من حق الصحفي الامتناع عن الإدلاء بالشهادة أمام المحاكم وسلطات التحقيق إذا كان في ذلك الإدلاء الكشفُ عن أسرار مصادر معلوماته.
في المقال القادم نستأنف الحديث عن بقية هذه الحقوق الدستورية.