بيروت الجميلة نبض الحياة وعروس البحر المتوسط بكت بحرقة وبكينا معها وهي تتعرض لمؤامرة جديدة وكأن كل الدماء السابقة التي سالت منها لم تكف الفاسدين والمتآمرين ورغم كل ذلك لا يزال شعبها العظيم يصر على وحدة بلاده واجتثاث الفساد من جذوره.
فالبكاء على الإنفجار الرهيب الذي حدث لم يتوقف على سكان العاصمة بل بكى كل جزء في البلاد حتى شجر الأرز الذي يزين علمها بعد أن وصلت قوة التفجيرات إلى زلزال بقوة ٧؛٤ درجة على مقياس ريختر وصلت توابعه إلى قبرص التي تبعد نحو ١٩٠ ميلا بل وسمع أهل تلك الجزيرة صوت الانفجارات.
نظرية المؤامرة تلقي بظلالها وبقوة على ماحدث حيث خليط من التآمر الداخلي والخارجي وراء تلك الكارثة التي قتلت أكثر من ١٥٠ شخصا وأصابت أكثر من خمسة آلاف ناهيك عن فوق ٨٠ من المفقودين.
ورب ضارة نافعة حيث تعد هذه الكارثة بمثابة قوة دفع حقيقية لإنقاذ لبنان من الفساد والمتآمرين وإعادة صياغة حياتها النيابية والتشريعية بحيث لا يكون هناك مجال لتوزيع المناصب حسب العقائد والأمور العرقية بل يجب أن ينصهر اللبنانيون تحت لواء العلم اللبناني بعيدا عن الحصص التي عاشت عليها خلال الفترة الماضية وساهمت في تمزيق البلاد وضعف الولاء لدى ضعاف النفوس وبالتالي لا بد من وجود جيش واحد يضم جميع الطوائف وولاءه للوطن فقط ونزع جميع الأسلحة وحل الميليشيات إذا كان اللبنانيون جادين في حل مشكلاتهم وعدم منح الفرصة لإسرائيل وأعوان الصهيونية العالمية التدخل في شئونها بل قد يكون هذا الحل الطريق الذي يساعد العرب على لم الشمل لأن الحل في لبنان سوف ينعكس إيجابيا على سوريا مثلما هو الحال في ليبيا الذي سيمنع استقلالها التغلغل التركي والأجنبي في شمال أفريقيا ومحاولة حصار مصر التي ستكون عصية عليهم طول الوقت.
كل هذه الأمور سوف تنعكس إيجابيا على العراق أيضا لتعود البوابات العربية قوية كما كانت في السابق وتجهض المحاولات الكثيرة لظهور شرق أوسط جديد يعج بالدويلات وتضيع ثرواته لتقوي شوكة إسرائيل ومن وراءها.
دائما يخرج النور من الظلام والنجاح من الفشل والشفاء من المرض.
فلو عقد العرب جميعا العزم على ارتداء ثوب الأمة الواحدة والتفكير في المصالح العليا بعيدا عن النظرة القاصرة الضيقة فسوف يفرضون أنفسهم على العالم الذي يمضي في طريق تعدد الأقطاب خلال نهاية هذا العقد وهنا سيصبح للعرب صوتا مسموعا ومؤثرا بين الأمم لنتفرغ جميعا لإحداث نهضة شاملة تطوق لها الشعوب ونهتم بالتنمية المستدامة لكي نهدي أبناءنا وأحفادنا موروث جيد يستطيعون البناء عليه بقوة وصلابة.
فمجتمعاتنا لا ينقصها العقول النيرة ولا العزيمة القوية ولا الإيمان بعروبتنا بقدر ما ينقصها الإيمان بنفسها وتكاتف الأيدي التي لا يستطيع أي معتد فك تعانقها.. فالرهان على الشعوب هو الحصان الرابح شريطة أن يقدم القادة كل مالديهم من أجل شعوبهم وأمتهم العربية الواحدة والتي لاتزال صورتها تجول في خاطري طول الوقت.
والله من وراء القصد.