الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

عبد الوهاب السعدني.. طبيب النبل والإنسانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
إذا تحدثنا عن شهداء معركة كورونا من الأطباء فهو واحد منهم ولا نزكيهم على الله. لكننا ننحني لهم إجلالا واحتراما لتضحيتهم بحياتهم من أجلنا ومن أجل أطفالنا في معركة هي الأنبل والأكثر إنسانية لأنهم يدخلونها طواعية مستبسلين لا يبغون فيها سوى الحفاظ على الحياة حياة المرضى الذين من أجلهم يواجهون الموت لا يحركهم سوى ضمائرهم والقسم الذي رددوه عند تخرجهم من كلية الطب. لن أكتب اليوم عن حزني العميق ولا الخسارة الموجعة لي وحدي. سأكتب عن أحزان كثيرة وخسارات موجعة لآلاف ممن يعرفونه طبيبا وجارا وصديقا وإنسانا بسيطا لا تفارق الابتسامة وجهه ولا يخلع رداء التواضع الذي يشيع المحبة والطمأنينة في أي مكان يمر به أو يتواجد فيه. لن أكتب عنه كاستشارى ورئيس قسم عناية الأطفال بمستشفى المنصورة العام الجديد. لن أكتب عن مهارته في علاج أمراض مستعصية لتعرق أيدي الأطفال بدواء لا يزيد عن ستة جنيهات وكنت شاهدة على ذلك. ولا عن تفسيره لحالات نادرة من الحالات المرضية التي يخرج فيها الدم من عيون الأطفال وكانهم يبكون دماء ولا عن حنكته في التعامل مع أطفال التأخر العقلي أو فرط الحركة أو الأعراض المختلفة التي قد لا يكون لها تفسيرا واضحا للحمى. لكني سأكتب عن الإنسان الذي عرفته في ضحكات الأطفال، ودعوات الأمهات والجدات. بطريقته الساحرة في تخفيف آلام الآباء والأمهات حينما يحملون أطفالهم المرضى ويهرعون إليه في أي مكان يتواجد فيه في المستشفى أو البيت أو الشارع أو مارا بالسيارة أو مترجلا أو بالهاتف. هذه السماحة في وجهه والابتسامة التي لا تفارقه والهدوء في صوته والتواجد باستمرار لم تكن تغيث الملهوفين فحسب وإنما تدخل على قلوبهم السرور أيضا. وهو ما جعل علاقة من حوله به تتجاوز مهنته كطبيب إلى ما هو أكبر وأكثر إنسانية ولهذا رآوه أخاهم أو ابن خالتهم أو ابن عمهم أو جارهم الودود. سأكتب عن اختياراته الصعبة والنادرة في الطب التي طالما دأب على دراستها ورصدها واستخدامها في علاج الأطفال مثل تشخيص وعلاج الحمى المطولة مجهولة المصدر. وأمراض المخ والأعصاب للأطفال وغيرها. ولم يكتف بذلك بل أصدر أكثر من كتاب يختص بالرعاية الطبية للطفل منذ ولادته، جمع فيه خلاصة تجربته ومعرفته وأهادها للقراء وخاصة الأمهات. والأمهات لأول مرة. حتى يستطعن إنقاذ أطفالهن بسهولة ويسر حتى تصلن بهم إلى الطبيب.وتستطعن متابعة نمو أطفالهم في المراحل العمرية المختلفة وبخاصة في السنة الأولى. قدم هديته إليهم في صورة مبسطة دونما حزلقة أو تعال في صورة أسئلة وإجابات شافية وافية لا تحمل تأويلات. هذه الكتب التي طالما تناقشت معه في نشرها بالهيئة العامة للكتاب أو الهيئة العامة لقصور الثقافة، في إحدى السلاسل المتخصصة التي تعنى بالطفولة والصحة ولم يكتمل المشروع وهو على قيد الحياة. وأتمنى أن تكون هناك محاولة جادة لتنفيذ هذا المشروع أكون طرفا فيها. هناك من الكلمات ما تستعصي على الكتابة وهناك من المعاني ما يستعصي على الكلمات وهناك من الدعاء ما يجمع ذلك كله.. رحمة الله ورضوانه عليك وعلى كل شهيد بذل روحه من أجلنا، مثلك يا أخي ويا صديقي ويا كل أخ وصديق لم تجمعنا به دروب الحياة من جيشنا الأبيض لا يموت. مثلكم باقون في وجداننا وستبقون دوما لأنكم أحياء عند ربكم ترزقون.