الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الصحة بعد «كورونا»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد أن بدأت "كورونا" تولى أدبارها من أرض الكنانة وأجساد المصريين، وتنخفض أعدادها بشكل واضح في الأيام الأخيرة، بدأت تظهر تساؤلات جديدة من نوعية: هل يمكن أن تشهد مصر موجة جديدة من كورونا مع بداية الشتاء المقبل؟

ولأن التساؤل يعبر عن تخوفات طبيعية ومنطقية، تؤكدها شواهد مما يجرى حولنا، سواء في دول العالم، أو في دول الجوار العربى التى بدأ بعضها يعانى من موجة ثانية من الفيروس اللعين، فإن السؤال هنا يبدو منطقيا بل مطلوبا تحسبا لأى مشكلات صحية يمكن أن تعرض المواطنين لخطر العدوى.

ولأننا الآن على مشارف فصل الخريف، وفى وداع فصل الصيف، الذى شهدت أسابيعه الأخيرة انخفاضا حادا في أعداد المصابين، فمن الواجب علينا أن نأخذ حذرنا بمزيد من الحيطة لأى مفاجآت غير سارة، يمكن أن يفاجئنا بها فيروس "الكورونا".

ولعلنا لن نضيف جديدا في التحذير من البيئة التى يمكن أن تكون وسطا ملائما لنشاط العدوى مثل الأماكن المزدحمة خاصة المغلقة منها ومناطق التجمعات الأخرى مثل دور المناسبات وقاعات الأفراح وغيرها وهو ما انتبهت له الدولة، ونجحت في تقليص المخاطر منه منذ بدء الجائحة.

إلا إننا يجب أن نشير إلى أن الجائحة التى ألمت بالعالم كله، كان لها عدد من الدروس المستفادة، منها ضرورة أهمية تطوير المنظومات الصحية بشكل عام، والاهتمام بالفرد الذى يقوم بتقديم الخدمة، من أول عامل النظافة البسيط إلى الطبيب المؤهل والمدرب على تقديم خدمة صحية فائقة الجودة. ولن يتأتى هذا إلا من خلال منح الطبيب وطاقم التمريض والخدمات المعاونة ما يعينهم على حاجاتهم اليومية، برواتب كافية تحفظ لهم كرامتهم، وتؤمن لهم ما يقيهم شر العوز وغائلة الأيام، وتشجعهم على العطاء والعمل.

جانب آخر كان يجب أن نستعد له بداية من اليوم وليس الغد، وهو تخريج أعداد مناسبة وملائمة لعدد السكان من الأطباء بمختلف تخصصاتهم، وهو ما كان يجب أن نستعد له هذا العام من خلال افتتاح أعداد جديدة من كليات الطب، ومعاهد التمريض على مستوى الجمهورية. وللأسف لم نشهد افتتاح كليات جديدة للطب في الجامعات الحكومية هذا العام فيما عدا كلية واحدة في جامعة جنوب الوادي.

وكان يجب أن يتم الاستعداد للمرحلة المقبلة بمزيد من كليات الطب في الجامعات المختلفة حتى ولو تتطلب الأمر افتتاح أكثر من كلية طب تتبع نفس الجامعة ولكن في منطقة جغرافية أخرى، وكان يمكن أن تتعاون وزارة الصحة مع وزارة التعليم العالى بتخصيص بعض مستشفياتها للتدريب، ولو مؤقتا إذا لم تتوفر أماكن وإمكانيات لإنشاء مستشفيات جامعية جديدة لهذه الكليات.

ولعل التوسع في مجال المستشفيات العسكرية يكون حلا ملائما يساعد في حل الأزمة، خاصة أن المؤسسة العسكرية تملك من الإمكانيات المادية والإدارية ما يؤهلها لأن تصبح جزءا أصيلا من حل المشكلة، خاصة بعد نجاح المستشفيات العسكرية في العقود الأخيرة في تقديم خدمة صحية مميزة وناجحة.

جانب آخر مهم يجب الانتباه إليه وهو ضرورة تحقيق اكتفاء ذاتى من الأدوية، والأجهزة الطبية، التى يصعب الاستغناء عنها في فترات الأوبئة، بإنشاء مصانع جديدة تقوم عليها الدولة حتى يتسنى التحكم في أسعارها، ونتجنب استغلالها فترات الأزمات.

فليس "كورونا" هو آخر الأوبئة ونهاية "الجوائح"، فربما طال معنا أمده إلى أن يحين أجله بمصل أو لقاح أو علاج فعال. فحتى يحين ذلك الحين علينا أن نستعد له ولغيره بما أوتينا من علم وحكمة.