تلتهب الأحداث يومًا بعد يومٍ في الوطن العربي، تعثُر في تشكيل الحكومات، استقالات، أزمات مصرفية؛ فهل أصبحت بلدان ساحل المتوسط -عدا مصر- قنابل موقوتة في وجه أوروبا والعالم؟
لم يمض الكثير من الوقت على استقالة حكومة الفخفاخ في تونس والبدء في تشكيل حكومة جديدة يرأسها المشيشى حتى بدأت قوارب الهجرة غير الشرعية أو بالأحرى غير النظامية كما تطلق عليها مصر، تنطلق من الساحل التونسي مجددًا نحو ايطاليا، ذكور وإناث بل عائلات، اثر التردي الاقتصادي الناتج عن السياسات المتخبطة والأحداث المتوترة وسقوط لائحة سحب الثقة من راشد الغنوشى والذي سرعان ما حدد لقاء مع نظيره التركي لتوطيد العلاقات مع البلدين أكثر فأكثر، مما يعنى محاولة جديدة لحركة النهضة في تُونٌس لتثبيت أقدامها لتتفاقم أزمة المهاجرين، الأمر الذي ندد به وزير الخارجية الألماني، نتيجة تبنى حركة النهضة سياسات التهميش للإناث خاصة وإهمال الاقتصاد الوطني.
تشترك تونس مع ليبيا في حدود الأولى الشرقية مع إقليم طرابلس؛ منفذ المليشيات المسلحة من كل الأجناس برعاية تركية خالصة، من المرتزقة السوريين والصوماليين وربما سنشهد من نيجيريا أيضا ! بعد دعم الرئيس التركي لجماعات بوكو حرام هناك.
تكمن الكارثة الأكبر في خروج هؤلاء المرتزقة من ليبيا، فهل سينزحون من الساحل التونسي أم الجزائري؟ في كلتا الحالتين سينزحون مع المهاجرين غير النظاميين إلى الساحل الأخر من المتوسط إلى القارة العجوز.
لم يكن الحال أفضل في لبنان، فالأزمة المالية والمصرفية تزداد سوءًا هُناك، وهو ما وصفته الأمم المتحدة بأنه الوضع الأسوأ على الإطلاق في لبنان على مدى التاريخ، فهل تتحول لبنان إلى سوريا جديدة؟
تجاهد أوروبا طيلة السنوات الماضية للحد من ظاهرة الهجرة غير النظامية لما أسفرت عنه من إثقال كاهل حكوماتها، فضلا عن تسلل العناصر المرتزقة إلى قلب تلك الدول،وعلى الرُغم من أن التدخلات التركية تحديدًا في ليبيا تزيد الأمر سوءًا، ولكن لا تأخذ تركيا التحذيرات الأوروبية على محمل الجد، على عكس خشيتها من اللهجة المصرية في الردع واستيقافها عند حدود معينة مثل خط سرت والجفرة.
ومن ثمّ، أرى أن في الشهور القادمة ستعّول أوروبا على مصر كثيرًا بصفتها مركز الثقل الحقيقي في المنطقة والإقليم بأكمله، في الحد من تلك الظاهرة،فحقًا مصر منشغلة بكثير من التحديات على رأسها سد النهضة والحرب على الإرهاب في سيناء، ولكنها بلد قادر على أن تلعب ذلك الدور الريادي الذي سيحفظ كثير من أرواح الشعوب العربية، لتدرك القارة العجوز أهمية درة تاج المتوسط، ولتعلم مدى خطورة التدخلات التركية في المنطقة التي ستجلب لها الأضرار لاحقا، مما يتطلب من الاتحاد الأوروبي اليوم قبل غد تشديد اللهجة في وجه تركيا وفرض عقوبات اقتصادية أكثر عليها إن لزم الأمر، حتى لا تأتى الرياح بقوارب المتوسط، قوارب الهلاك.