تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
هل تصدق عزيزي القارئ أن هناك ٣٢ مليون أمريكي ناضجا لا يعرفون القراءة ولا الكتابة؟
تلك الإحصائية خرجت من وزارة التعليم هناك وهي تمثل نحو ١٠٪ من عدد السكان البالغ ٣٣١ مليون نسمة.
وقد يكون هذا الرقم مسار تعجب للكثيرين فالولايات المتحدة هي القوي العظمي الأولي في العالم كونها تتصدر المشهد العسكري والاقتصادي لكن الذين لا يتعجبون الأمر يعرفون أن المجتمع الأمريكي قائم في الأساس على المهاجرين وجذب العقول المتميزة في شتي المجالات عبر الإغراءات التي تقدم لهم ولا يجدونها في غير بلاد العم سام لكن مثل هذه النسبة العالية من الأمية في مجتمع متحضر مثل الولايات المتحدة تمثل عبأ ثقيلا لا تظهر أثاره السلبية على المدي القريب لأنها لم تحسن إستغلال هذه الفئة على النحو الأمثل مثلما قامت به دول أخري.
فقد يكون في الصين التي يبلغ عدد سكانها مليار وربعمائة مليون نسمة عدة أضعاف هذا العدد لكنها أحسنت وضع الإستراتيجية والخطط التي تمكن هذه الفئة من إثبات وجودها وتحولها إلى قيمة مضافة في المجتمع.
فالصين أدركت منذ فترة ربما لا تتعدي الثلاثة عقود من الزمان أن كلمة السر التي يمكن أن تدفعها لإزاحة أمريكا وتصدر المشهد العالمي من الناحية الاقتصادية تكمن في الإهتمام بالصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر.. تلك الصناعات التي صهرت الجميع في بوتقة المجتمع الذي أصبح لا يوجد فيه شخص عاطلا ينتظر بدل البطالة مثلما يحدث في أمريكا والدول الأوروبية وعن طريق هذه الصناعات غزت المنتجات الصينية العالم كله بما فيه المجتمع الأمريكي الأمر الذي جعل ميزان المدفوعات بين البلدين ينحاز إلى الصين بما يقارب النصف تيرليون دولار مما تسبب في إزعاج الأمريكان بشكل كبير وجعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يدخل في حرب اقتصادية مع الصين في محاولة لإيقاف تقدمها.
وتشير المؤشرات أنه لن يفلح حيث ينتظر أن تصبح الصين القوي الاقتصادية في العالم مع حلول عام ٢٠٢٨ والذي سيشهد تراجعا كبيرا للأمريكان وعملتهم الدولار بعد أن قامت أمريكا بطبع تريليونات الدولارات خلال الفترة السابقة والحالية دون أن يكون لها مايوازيها في البنك المركزي والذي لا تمتلكه الحكومة الفيدرالية مثلما هو الحال في أغلب دول العالم.
لذلك تجد السياسة الأمريكية تحولت إلى استخدام الوكيل لتحقيق أهدافها وللتقليل من النفقات فقامت بذرع تركيا في سوريا والعراق وليبيا على امل الإستفادة من بترول تلك الدول عند تقسيم الكعكة بعد أن نجحت مصر في إفشال مشروعها الخاص بالشرق الأوسط الجديد وتقسيم دولة إلى دويلات صغيرة حتى يسهل السيطرة عليه وإستغلال ثرواته كما لجأت إلى تقليص عدد جنودها في أوروبا خاصة ألمانيا لتقليل المصاريف من ناحية ومحاولة إبتزاز ألمانيا من ناحية أخري ناهيك عن فرض ضرائب على بعض المنتجات الصينية القادمة إلى أمريكا وطلب مبالغ مالية من دول صديقة مثل اليابان وكوريا الجنوبية لحماية سفنها في الخليج العربي.
لقد تحولت أمريكا مع ترامب إلى البلطجة العلنية أملا في إنقاذ اقتصادها والذي بدأ يترنح بشدة مع غزو فيروس كورونا للعالم أجمع وإستنزاف المزيد من الدولارات من أجل العلاج وإيجاد المصل المقاوم لهذا الفيروس الخطير.
كل هذه الأمور قد تكون السبب في مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 يناير المقبل، وتولي الديمقراطي جو بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، بناء على ما يحدث في نهاية نوفمبر القادم وهو موعد الانتخابات الأمريكية.
ويسعى ترامب حاليا لأخذ العديد من الخطوات الإستباقية بعد إستشعاره للخطر المحدق به عندما أطلق قبل أيام قليلة خوفه من تزوير الانتخابات الأمريكية القادمة!
ويبدو أن المشهد الجيوسياسي سوف يتغير في العالم أجمع خلال الفترة القصيرة القادمة وسينتهي حكم القطب الواحد للعالم وستتعدد الأقطاب سواء رضا أمريكا أم لم ترض وإنا لمنتظرون.
والله من وراء القصد.