تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
قبول الآخر، خاصةً الآخر الديني، هو الباب الذهبي للدخول إلى ساحة قبول كل آخر، مما يسقط الممارسات والفرز الطائفي الذي هو أول خطوات طريق رفض الاخر، لقد فضل الله الإنسان على سائر المخلوقات، بل سخر له كل المخلوقات، مما جعل الإنسان هو صانع الحضارة وباعث الرقي والساعي إلى التقدم، فكان التطور الكوكبي المتراكم والمتصاعد وصولًا لهذه الثورة التكنولوجية الأتصالاتية التي حجمت الكوكب في جهاز أصبح في متناول اليد وصولًا إلى الكواكب الأخرى، وفي ذات الوقت بالرغم من أن الإنسان هو صانع هذا التطور ولكن هو ذاته الذي يتعامل مع صنيعه بأسوأ أستغلال في كثير من الأحيان. الأختراعات جاءت لصالح الإنسان ولكن هو الذي يغلب السلبي على الأيجابي فيها. فالسوشيال ميديا أو وسائل التواصل الاجتماعي هى لا شك إبداع له ايجابيات لا حدود لها فازالت المسافات وسهلت الاتصالات، الشيء الذي يساعد في نقل الأفكار والآراء وتبادل الإبداع ونقل الخبرات بلا حدود ودون حواجز، فهل نتعامل مع هذه الوسائل بالصورة الإيجابية المطلوبة التي تضيف ولا تخصم وتعزز القيم وتعلو بالفكر وتسمو بالاحساس؟ أم أننا حولنا فوائدها إلى مساوئ وايجابياتها إلى سلبيات؟ هذه الوسائل يجب أن تكون نعمة حقيقية ووسيلة تواصل إنساني تعزز وتؤكد مبدأ قبول الآخر، فقبول الآخر لا يعني تبني أفكاره أو الايمان بآراءه أو أعتناق عقيدته أو إلغاء شخصيتك لصالح هذا الآخر، ولكن قبول الآخر يعني الايمان بأن الله سبحانه وتعالى هو الذي أراد الاختلاف والتعددية حتى تسير الحياة ولكي تكون هذه التعددية هى حالة التجديد المستمرة للحياة. هذه التعددية هى التي تجعل الإنسان يعرف كنه ذاته ويميز ذاته عن ذات الآخر فيدرك سلبياته فيتلافاها ويعرف أيجابياتها فيعمقها ويتمسك بها، قبول الآخر هو الآيمان والاقتناع أن ما لك من حقوق وما عليك من واجبات هى أيضًا من حق الآخر ومن حقه أن يكون له ذات الحقوق وعليه نفس الواجبات دون تمييز على أي أرضية دينية أو مالية أو قبلية أو علمية.. الخ، فمن حقك ان تؤمن بدينك وأن دينك هو دين الحق والدين الصحيح، وتكون مقتنعًا أيضًا أنه من حق الآخر أن يؤمن ويعتقد بصحة دينه أيًا كان رأيك انت في دين الآخر، وبكل وضوح فرفض الآخر يبدأ برفض الآخر الديني وكما لو كان أيماني بديني يجعلني رافضًا لكل دين ولكل أخر ديني، فرفض الآخر الديني ناتج عن فكر ديني خاطئ هنا وهناك بل في كل الأديان السماوية والوضعية نتيجة لفكر ما يسمو برجال الدين في كل الآديان، خاصةً الذين يتعاملون مع الدين كوظيفة لا خدمة، هنا يمكن ويجب أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي أداة للتواصل وللحوار وللتعارف ومعرفة فكر الآخر،مع الوضع في الأعتبار ان هناك أختلاف بينك وبين الأخر فلا أستنساخ،فلو كان هناك أستنساخ ما كان هناك آخر، فهل هذه الوسائل نستعملها في هذا الأطار الايجابي أم أنها قد أصبحت وسيلة ليست للتواصل بل للتقاطع،وسيلة للخلاف وليس للأتفاق،للرفض وليس للحوار؟. أصبحت هذه الوسائل الأتصالتية في متناول يد الصغير قبل الكبير، الجاهل قبل المتعلم، الامي قبل المثقف، والاهم أن هذه الوسائل تعطي أحساسًا كاذبًا أن مالك هذه الوسيلة قد أصبح مالكًا لهذا الكون ويستطيع أن يقول ما يريد فيعبر كل واحد عن مكنوناته ومستوى ثقافته ودرجة وعيه في كل النواحي، هنا تأتي الناحية الدينية في المرتبة الاولى في الحديث والحوار والرفض والاهانة والاستهانة بالأخر الديني،تصورًا من هذا الرافض والجاهل أنه يقدم خدمة للدين وللمتدينين،في الوقت الذي يسئ أيما أساءة للدين ولقيمه وأخلاقياته، هؤلاء الرافضين للأخر الديني هنا وهناك لا علاقة لهم بالايمان الحقيقي والصحيح، ولكن هم فاقدي الثقة بالنفس ويقوموا بالتعويض عن هذا الفقد بأدعاء الدفاع عن الدين برفض الآخر الديني.
هل يمكن أن نعيد النظر في التعامل مع تلك الوسائل المتطورة والتي يجب أن تكون في صالح مزيد من الوعي والثقافة والحوار وقبول الآخر،بدلًا من التفاهات التي نراها؟ نتمنى هذا، على الاقل على الواعين والمتدينين ومحبي الوطن رفض هذه النوعية التافهة. حمى الله مصر للمصريين.