السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ويسألونك عن الكورونا في العيد؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا شك أن أضرار فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" منذ بداية انتشاره في ووهان الصينية أواخر العام الماضي أكبر بكثير من منافعه، لقد عزلنا هذا الفيروس في منازلنا شهورًا طويلة، فلم يعد الناس يلتقون في أماكن العمل وعلى المقاهي وعلى البلاجات في المصايف وفي دور السينما والمسارح والحدائق العامة، وأصبح السلام باليد عزيزًا، كما أصبحت القبلات المتبادلة أمرًا مستحيلًا، حتى كادت تتحول الحياة إلى أجواءٍ بلا محبة أو اشتياق أو مشاعر. لم يشهد بنو البشر هكذا أجواء في الماضي الذي عاشوه طوال حياتهم، كما أنهم ليسوا على يقين من إمكانية عودة الحياة كما كانت في المستقبل القريب.
ونظرًا لأن الفيروس مستجد، فقد كانت لكل دولة تجربتها الخاصة في التعامل معه، سواء في نوعية العلاج أو تشخيص المرض وأعراضه، أو في سبل الوقاية منه. وقد أبلت مصر بلاءً حسنًا في التعامل مع الفيروس؛ فمصر كانت لها تجربة غاية في التميز والفرادة؛ لأنها كانت من الدول القليلة التي لم تغلق إغلاقًا كاملًا، بل كان الإغلاق جزئيًا ومتدرجًا، كما كان الفتح فيها محسوبًا بتوقيتات غاية في الدقة بالنظر إلى إمكانية حصار الفيروس وتسطيح منحنى انتشاره سعيًا لكسر هذا المنحنى.

لقد استطاعت مصر أن تقوم بإعادة الحياة الطبيعية تدريجيًا دون أن يساهم ذلك في زيادة منحنى الوباء، كما استطاعت أن تقوم بإجراء امتحانات الثانوية العامة والدبلومات والسنوات النهائية في الجامعات وفقًا لإجراءات احترازية غير مسبوقة، دون أن توجد مشكلاتٌ تُذكر، وهذا يُحسب للحكومة المصرية، وتأكيدات القيادة السياسية في وقتٍ مبكر أن كورونا لن تمنع مصر من أن تبني نفسها، لذلك كان البناؤون المصريون أول مَن نزل إلى الميدان حتى لا تتوقف مصر عن النهوض بنفسها ومواصلة طريقها إلى التنمية والتقدم، يشهد على ذلك كل المشروعات التي قام الرئيس بافتتاحها خلال الشهور القليلة الماضية.

لا شك أن كل ذلك شئٌ رائع، ولكن يجب أن نتوخى الحذر، فالبعض اعتقد أن الأمر قد انتهى، وأن الفيروس قد ذهب إلى غير رجعة، وأن قرار الحكومة بفتح البلاد قد بعث رسالة للمواطنين بأن الفيروس لم يعد موجودًا، وهو ما لم تقله الحكومة، ولكن ما فهمه البسطاء من أن عودة الحياة إلى طبيعتها معناه إن مفيش فيروس، وهو ما جعل بعض الشباب يقتحم الشواطئ المغلقة ليغرق في مياه البحر، ومن ذلك أيضًا ما طالعناه بأن بعض الفنادق وصلت نسبة الإشغالات بها في عيد الأضحى إلى 100%، وهى نسبة كبيرة جدًا لا تراعي قواعد التباعد الاجتماعي التي أقرتها الحكومة، ناهيكم عن الاختلاط والتزاحم الذي يعشقه المصريون في الأعياد والفترة التي تسبقها، وهو ما قد يؤدي إلى ما لا يُحمد عُقباه.
وكلنا كنا نتابع الكورونا وأرقام الإصابات والوفيات بها في مصر والعالم، وهو ما توقف معظمنا عنه الآن، لكن يجب أن نعلم أن الإصابات اليومية في العالم تجاوزت ربع مليون إصابة والوفيات اليومية بالمئات، وتعدى إجمالي الإصابات في العالم 16 مليون إصابة، لقد تجاوزنا رعب الـثمانين ألف إصابة في الصين في بداية تفشي الفيروس فيها، ووصلنا الآن إلى 16 مليون إصابة، يعني الفيروس لا يتراجع والإصابات تتفاقم.

الأدهى من ذلك أننا لا نزال عند النقطة صفر؛ فرغم كل التجارب السريرية على أمصال مضادة للفيروس في عديد من دول العالم وشركات الأدوية، فإن العالم لم يتوصل حتى اللحظة إلى مصل للحماية من الفيروس، أو حتى علاج يمكن أن يشفي المصابين به. وهذا يجعل من الالتزام بالإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي ضرورة حتمية لأن الوقاية خيرٌ من العلاج، فما بالنا أنه لا يوجد علاج؟!.

وكل ما يتم تداوله في العالم الآن من قبل خبراء الأوبئة في العالم أن الفيروس قد يشهد انحسارًا نسبيًا حتى أغسطس القادم، لكن هذا لا يعني أن الأمر قد انتهى، بل إن موجة ثانية من الفيروس قد تضرب العالم بشدة خلال شهر سبتمبر أو أكتوبر القادميْن، وهذا ما يتم التحذير منه في الميديا العالمية، ولعل ذلك هو ما أدى إلى لجوء المستثمرين ورجال الأعمال والدول والحكومات إلى اللجوء لشراء الذهب كملاذٍ آمن، وهو ما أدى إلى تجاوز الذهب سعره العالمي التاريخي الذي سجله منذ نحو عشر سنوات.

احتفلوا بعيد الأضحى.. ولكن لا تضحوا بأنفسكم وزوجاتكم وأمهاتكم وأولادكم وأحفادكم وأحبائكم.. كل سنة وانتم طيبون وبخير وأمان.