تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
رغم ظروف التباعد الاجتماعي والكمامة التى أصبحت مألوفة على وجوهنا، لن ننسى الفرحة في عيد الأضحى. فما هى إلا أيام وتملأ التكبيرات سماء العالم الإسلامى والتجمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم لنتذكر درس التضحية والفداء من الخليل إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ونتعلم ونعلم أطفالنا وشبابنا، ويتجدد الدرس. نتذكر الخليل الذى قدم للبشرية أغلى وأعز وأندر مثال للتضحية وهو التضحية بابنه إسماعيل هذا الغلام الذى تمناه وتضرع إلى الله أن يهبه إياه ليعينه في الحياة "رب هب لى من الصالحين" سورة الصافات. واستجاب له الله تعالى ووهبه إسماعيل "فبشرناه بغلام حليم" سورة الصافات. وما أن سعد به وفرح بسعيه معه وهو صبى حتى جاءت الرؤية التى امتحنت قلب الخليل وقدرته على التضحية وامتحنت طاعة ابنه. ورؤيا الأنبياء حق. الرؤية التى لا يتصورها عقل بشر مجرد تصور، ذهب ليحققها ناداه ربه "وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ، إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الْآخِرِينَ، سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ، كَذَٰلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ" سورة الصافات. فدى الله سبحانه وتعالى سيدنا إسماعيل بكبش عظيم ضحى به الخليل بدلا عنه وضحى سيدنا رسول الله عن الأمة الإسلامية فقراءها الذين لا يستطيعون التضحية في عيد الأضحى. فقد جاء عن السيدة عائشة، رضى الله، عنها أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمر بِكبشٍ أقرن وأَخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: «بِاسم الله، اللهم تقبل من محمد، وآل محمد، ومن أُمة محمد» ثم ضحى بِه. هذا النموذج الذى يتجدد في كل عام للفداء والتضحية لا يعنى فقط الشعيرة. لا يعنى فقط الذبح وتوزيع اللحم على الجيران والأقارب والفقراء. لا يعنى المشاركة وفرحة الأطفال بالخروف والعيديات والملابس الجديدة وإنما يقرع في نفوسنا جميعا أجراس المعانى النبيلة التى تتعدى كل ذلك إلى الانتباه إلى جميع أشكال التضحية اليومية ممن حولنا. الأب الذى ينام منهكا من وظيفتين ويضحى براحته والأم التى تنسى سعادتها الذاتية وحاجاتها الخاصة لترى سعادة أبنائها وهدوء بيتها. الأطباء وطاقم التمريض والعاملون والعاملات في المستشفيات في هذه الجائحة والتضحية براحتهم وراحة أسرهم من أجل واجبهم المقدس. جيشنا بجميع أفراده وجنوده وضباطه على الحدود وفى الثكنات وهم يحملون أرواحهم على أكفهم. وعمال النظافة الذين يعطون لحياتنا معنى الحياة ويترجمون عطاءهم بهدوء لا نكاد نسمع صوتهم أو نراهم ونمضى دون حتى أن نسلم عليهم. لهم في هذا العيد منى ومن كل مصرى ألف ألف تحية. كل عام ونحن جميعا بخير تتجدد فينا معانى والتضحية والنبل والوفاء.