الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"خالد" يكشف علاقة الإمارات بثورة 23 يوليو

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل أيام احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة بثورة 23 يوليو في ذكراها الـ68، ولكل دولة طريقة في الإحتفال، فبخلاف تهنئة قادة الإمارات إلى شعب مصر والاتصالات الرسمية والبرقيات إلى الرئيس عبد الفتاح، ورئيس الوزراء، بهذه المناسبة، فقد اختارت الإمارات طريقة أخرى للإحتفال بثورة مصر والعرب في 23 يوليو بإضاءة المباني الرئيسية على رأسها برج خليفة في دبي، وعدد من المباني الشهيرة والرئيسية في أبو ظبي، بعلم مصر بألوانه الشهيرة "الأبيض، والأحمر والأسود ويتوسطها النسر".
ولا يمكننا في مقال محدود الكلمات أن نتناول تاريخ علاقات دولتين، وبإختصار فإن الإحتفال بهذه الطريقة دليل مهم على عمق العلاقات التاريخية بين مصر والإمارات، والتي تمتد لسنوات طويلة، ليس منذ تأسيس، دولة الإمارات في 1971، بل قبل ذلك بسنوات، والتي تجسدت في أن تكون مصر بين أهم الدول الأولى، التي دعمت قيام اتحاد دولة الإمارات، والتي كانت من أوائل الدول التي اعترفت بالدولة الاتحادية على أرض الإمارات، وقدمت لها كل وسائل الدعم دوليا وإقليميا كركيزة للأمن والاستقرار، وبإعتبارها قوة جديدة للعالم العربي.
ولكن رغم ذلك وقبل قيام دولة الإمارات الاتحادية ومع سنوات الثورة في مصر 23 يوليو 1952، وبروز العهد الناصري، والمد نحو القومية العربية، نشأ جيل جديد في دولة الإمارات عاشق لجمال عبد الناصر والفكرة العروبية، التي دعا لها وتبناها ناصر، وتأثر وآمن بها جيل رئيسي في دولة الإمارات.
ومن الملاحظات المهمة التي رصدها المفكرين، أن إيمان قادة مؤسسي دولة الإمارات وعلى رأسهم المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، برؤى عبد الناصر الوحدوية، ومساعية لتأسيس دولة عربية كبيرة، والتي سعى إليها من خلال الإعلان عن الوحدة مع بين مصر وسوريا وتأسيس "الجمهورية العربية المتحدة" ورغم ما واجهتها من صعاب، إنتهت بإعلان الإنفصال، إلا أن فكرة الوحدة العربية في المفهوم الناصري ظلت تسيطر على الشيخ زايد، والتي تجسدت في تأسيس، أول دولة اتحادية في المنطقة العربية، إمتدت من 1971، وحتى الآن.
وفي هذا يقول الدكتور أحمد جلال التدمري، "من منا لا يذكر الرئيس جمال عبد الناصر والمواطن العربي الأول شكري القوتلي والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه حكام الإمارات بكثير من الإجلال والمحبة والاحترام، فهم رموز الزعامة العربية في تاريخنا الحديث والمعاصر وهم رواد الوحدة والاتحاد والتضامن وهم رايات العزة والكرامة للأمة".
ويزيد على ذلك قائلا "لقد كان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة ردًا عمليًا على الإحباطات التي حلّت بالأمة العربية بفعل الحملات المكثفة المعادية للتوجهات الوحدوية والقومية، ورغم أن الوحدة بين مصر وسوريا لم تدم طويلًا لعدة أسباب وظروف موضوعية ودولية رافقت ولادتها، إلا أن إنجازها في ذلك الحين كان نصرًا كبيرًا وفرحةً عمت سائر أنحاء الوطن العربي ألهبت عواطف وآمال جيل بأكمله من عرب الداخل وعرب الخارج، ثم كان قيام دولة الإمارات في نهاية عام 1971 ليعيد الفرحة ويؤكد الأمل بجمع الشمل العربي وكسر حالة الفرقة والتشتت".
هذا تجسيد لمن لا يعرف كيف تأثرت الإمارات وشبابها في الخمسينيات والستينيات بثورة 23 يوليو، وزعيمها الوحدوي القومي العربي جمال عبد الناصر، ليأتي من يحقق جزء من أهدافها في تأسيس دولة "وحدوية" في 2 ديسمبر 1971، أي بعد وفاة ناصر بسنة وشهرين وأربعة أيام.
ولنتوقف عند ما قاله المفكر الإماراتي، على عبيد الهاملي، عن عبد الناصر موضحا "أن ناصر جاء في فترة واقع لعالم عربي، تسوده النزاعات والانقسامات الدينية والمذهبية والطائفية والعرقية وكل أشكال الاختلاف والتمزق، وناضل عبدالناصر من أجل تخليص النفوس من هذه النزعات، وحارب ليجمع الأمة على العوامل المشترَكة بينها، وتهميش المختلَف عليه".
ويلفت الهاملي إلى أن هذا حال الأمة التي كان عبدالناصر أهم قادتها وأبرز رموزها، ولم يحظ بحب شعوبها في النصف الثاني من القرن العشرين زعيم مثلما حظي ناصر، ولم يؤثر في هذه الشعوب زعيم مثله، بتوجهه القومي، وبخطبه التي كانت تنتظرها الجماهير العربية بلهفة، وتتجاوب معها وهي على بعد آلاف الأميال من مصر العروبة".
هذا هو تأثير عبد الناصر، واللافت في الإمارات والمدقق في أسماء أبناء الجيل الذي ولد لآباء عاشوا المد القومي العربي، أن إنتسبوا إلى ناصر "أبو خالد"، وظهر جيل قومي بالتعبير الدقيق للكلمة، وأطلقوا على أبنائهم إسم "خالد" تيمنًا، بالزعيم عبد الناصر، الذي جاء ليحقق الحلم القومي العربي، لجيل تعطش للوحدة، والخروج من حالة الشرزمة، إلا أن القدر كان أسرع.
تلك لمحة من تأثير 23 يوليو عربيا، ولنعرف جانب من مغزى هذا الإحتفاء الإماراتي قبل أيام بثورة مصر والعربي قبل 68 عاما.