قد يتصور البعض أن ضجيج الحرب في المنطقة قد هدأ، بعد تحرك عدد من العواصم الدولية في اتصالات دبلوماسية لمنع اندلاع القتال في ليبيا بين الفرقاء، وإكتفت تلك العواصم بالدعوات القديمة بإستمرار الموقف كما هو عليه وعدم تغيير موازين القوى على الأرض، ووقف التصعيد ومنع تصدير السلاح وشحن الإرهابيين للداخل الليبي.. الإكتفاء الدولي بهذه البيانات جاء كنوع من إبراء الذمة الساسية مما أغرى المعسكر التركي للتشدد في موقفة وزاد من تصريحاته التي تؤكد أطماعة في ليبيا والإقليم بالكامل.
تحدثت واشنطن، وموسكو، وبرلين، عن أهمية الحل السلمي والتفاوض وإستبعاد الخيار العسكري لحل الأزمة الليبية، ولكن هذه العواصم لم تتخذ خطوات عملية واضحة لوقف السياسات التركية في ليبيا، التي كشفت بوضوح عن نيتها للدفع بأتباعها من الميليشيات وعناصر حكومة الوفاق لإقتحام خطوط التماس وتغيير الوضع العسكري لصالحها.
دولياً كانت فرنسا وعلى لسان رئيسها إيمانويل ماكرون الدولة الأوربية الوحيدة التى أدركت خطورة الأطماع التركة، وحذرت من تمادي تركيا في إشعال التوتر في المنطقة، واعتبر ماكرون أنه من الضروري الرد على الاستفزازات التركية في شرق المتوسط، وأن فرنسا ستفرض عقوبات على مخالفي المجال البحري، مستنكرا استمرار الاتحاد الأوروبي في عدم فعل أي شئ يذكر في مواجهة ذلك. مؤكدا ً أن بلادة لن تسمح بترك مصير وأمن المتوسط والمنطقة في يد أطراف أخرى، وضرروة فرض عقوبات على الأطراف التي تخرق الحظر الدولي المفروض على تصدير السلاح إلي ليبيا. واعتبر ذلك شرطا ً أساسيًا للوصول لحل سياسي للنزاع الليبي.
لعل الموقف الفرنسي هو الموقف الجاد والواضح من العنت التركي الذي تصاعد نظرًا لغياب موقف أوروبي موحد تجاه السياسات التوسعية التركية، ويبدو أن أردوغان لا يزال يراهن على هذا الانقسام الأوربي، ويمارس سياسات الإبتزاز على دول الاتحاد، تارة بالمهاجرين، وأخرى بعمليات إرهابية متفرقة لعناصر إرهابية تابعة له داخل دول المجموعة الأوربية. ويبدو أيضا أنه يستغل عضوية بلاده في حلف شمال الأطلنطي (النيتو) ويتعامل كأنه وكيل للحلف في المنطقة.
أردوغان لا يزال يدق طبول الحرب ومن المؤكد أن وقف هذه الأطماع يتطلب موقفًا دوليا ً يأخذ بعين الإعتبار بأن هذه السياسات التوسعية تدفع المنطقة والعالم لحافة الهاوية.