السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"طالبات أزهر تفهنا" والأبحاث المفخخة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ناقوس خطر فجرته أزمة رسوب 150 طالبة في أبحاث مادة العقيدة والأخلاق للفرقة الأولى بكلية التجارة جامعة الأزهر فرع تفهنا الأشراف بمحافظة الدقهلية، فمع تساهل البعض في معالجة تحدي جائحة كورونا المستجد واستكمال العام الدراسي الحالي وفرض الأبحاث كـ"درجات مجانية" للطلاب، وجدت أعرق الجامعات الدينية في العالم معضلة الفكر المتطرف بين جنباتها.
استسهال الطالبات في إعداد بحثٍ يتعلق بالعقيدة والأخلاق وتراخي إدارة الكلية في معالجة هذا الأمر؛ دفع المتربصين بالأزهر الشريف إلى استثمار القضية في ترسيخ هجومهم على مناهجه والتعليم بين جنباته، فيما وجده البعض أمرًا طبيعيًا يحدث بين طالبات حديثات عهدٍ بالدراسة الجامعية ليكون التواصل الاجتماعي كما عهدناه مسرحًا للتناطح لا الحل، وما بين هذا وذاك يبقى تساؤلًا مشروعًا: هل وقعت الطالبات في الفخ عن غير قصدٍ، أم أن هناك أمور يجب أن يكون للجامعة دور في فتح تحقيقات عاجلة لكشف ملابساتها والغموض الذي دفع هذا الكم الكبير من الطالبات للضرب بالمنهج الأزهري الوسطي وإرشادات المُعلم عرض الحائط؟
فبعد حرب الطالبات الكلامية ضد عضو هيئة التدريس بالجامعة وأستاذ المادة والتي اشتعلت عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ومحاولة الاستعطاف أو تحقيق مظلمة جماعية، تبعها تصريحات للعميد باستبعاد مصحح المادة بحثًا عن الشفافية وتحقيقًا للعدالة، هناك مشكلة أعظم ستزداد إذا ما وجدت الطالبات فرصتهن في المرور للصف الدراسي الأعلى دون تصويب أو عقاب، خاصة وأن هذا العدد الضخم لطالبات ينتمين إلى محافظات مختلفة وقرى ونجوع وسيشكلن بحكم الشهادة العلمية عمودًا فقريًا للدعوة الإسلامية حال الحصول على المؤهل الدراسي مذيلًا بتوقيع الأزهر الشريف.
ربما كان للخبر تداعياته في الوسط الإعلامي والجامعي، لكن الأهم من الصدى الذي ناله عبر الفضاء الإلكتروني، أن يكون للمسئولين وجهة نظرهم التي تختلف عن القارئ العادي، فليست الأزمة بالشئ الهين الذي يمكن المرور عليها مرور الكرام كغيرها من الأزمات التي تحظى بـ"ترند السوشيال"، فمصر التي حملت على عاتقها دعوة التجديد في الفكر الإسلامي ونشر الاعتدال لا يمكنها أن تكون بمأمنٍ حينما يلجأ دعاة المستقبل إلى مراجع تخالف جوهر الوسطية التي نشأت بين جنباتها عبر مئات السنين، ليكون بديلًا لفكر منارتها التي يهتدي بها العالم فكر هؤلاء.
فتلك المراجع التي وجدت بالأبحاث الـ150 تخالفا أو لا تتفق مع منهج الأزهر منها ما هو لعبدالله عزام القاعدي، والجامى، وطائفة من المتطرفين الآخرين، قد تكون بمثابة غزو لفكر متطرف تحاول بلدان العالم أن تتحرر منه ومن رموزه وما به من أفكار لا تصلح لمجتمعاتنا اليوم، فقد تكون تلك محاولة للتشويش على المنهج الأزهري الذي شهد له العالم بالوسطية والاعتدال.
ومن المهم التأكيد على أن ما فعله أستاذ المادة من رسوب الطالبات أمر يؤكد قدرة الأزهر على حمل الأمانة التي أودعها الجميع في عنقه وحسنًا فعل بتدقيقه فيما قُدم إليه من أوراق مفخخة لو مُررت لكان اليوم حديث الساعة عن إقرار الأزهر لأفكار التطرف ولرجم بالحجارة والنيران، وحان الوقت ليكون لإدارة الجامعة دورها في الإفصاح عن الملابسات وإن كانت مجرد صدفة فستبقى غير حميدة.
وختامًا.. قد تكشف لنا أزمة جائحة كورونا وإقرار وزارتي التعليم والتعليم العالي إلى جانب الأزهر اتساقًا مع قرار المجلس الأعلى للجامعات لفكرة الأبحاث كبديل للاختبارات التحريرية في المقرر الدراسي لم تكن الأنسب والأمثل في ظل غياب التمهيد اللازم لها، لا أن تكون مجرد طريق يُحفظ من خلاله ماء الوجه، فهل كانت على قدر المسئولية حينما جعلت مصائر هؤلاء الطلاب في أيدٍ غير أمينة تمثلت في "مافيا الأبحاث الجاهزة" التي تعدها مكتبات لا يعلم أحد خلفيتها الفكرية أو الثقافية؟