في مشهد من المشاهد المفصلية بمسرحية الماغوط ودريد لحام "كاسك يا وطن" توهم "غوار" بأن والده الذي استشهد منذ سنوات يهاتفه.
كان الأب الشهيد جادا في رسائله التي يرسلها عبر الخاطر إلى غوار وكان الأخير يعيد الرد مازحا أحيانا، ومتحسرا أحيانا أخرى، وساخرا أحيانا ثالثة. لكن الأب المناضل والشهيد أخذ ابنه على محمل الجد وسأله: يعني لا ينقصكم شيئا؟ فيرد غوار: لا ينقصنا غير شوية كرامة بس.
يسأل الأب الشهيد عن الوحدة العربية فيرد غوار: لم نعد نتحدث عنها! وعن الحرية قال غوار: تقبل يدك! وعن المعتقلات قال غوار: حولناها إلى مدارس ومستشفيات!
ما أخبرتني عن العدالة؟ سأل الأب. العدالة حدث ولا حرج. أجاب غوار.
الحرية، العدالة الاجتماعية، الوحدة العربية هي الكلمات التي قامت عليها المسرحية وأكدت على أهميتها لأي أمة تشرع في نهضتها وهي الكلمات نفسها التي حلم "ناصر" بتحقيقها وعلى أساسها قاد ثورته وبدأ مشروعه الكبير.
بث "ناصر" عبر خطبه المختلفة رسائل إلى أمته والعالم مؤكدا عزمه على تحقيق الحرية والعدالة والوحدة العربية والقضاء على الاستعمار مهما كلفه الأمر.
من هذه الرسائل التي تضمنتها خطبه:
• قامت الثورة لتنقذ مصر من الاحتلال الطويل. قامت هذه الثورة لتبني لمصر قوتها الشخصية وقوتها المعنوية وهذه هي أهدافنا التي كنا ننادي بها فهل تركنا الاستعمار؟ هل تركنا تجار الحروب؟ هل تركونا بعد أن تخلصنا من الاستعمار الطويل حتى تتكون شخصيتنا وحتى يشعر كل فرد من أبناء مصر بعزته وكرامته وحقه في الحياة؟!
• إن مصر وكل فرد من أبنائها يعرف ما هو الفرق بين السلام والاستسلام. وأن كل فرد منها يعلم ما هو السلام، كما أن كل فرد من أبنائها يعلم أن المحافظة على السلام تحتاج إلى جهد وعرق ودماء. وأن المحافظة على السلام لا تعني بأي حال من الأحوال الاستسلام.
• إن الاستعمار لم يرض أبدا أن يرى مصر وقد تحررت بعد زمن طويل من العبودية. إن الاستعمار لم يرضى أبدا أن يرى مصر وقد رفعت رأسها إلى السماء متحدة قوية ومتماسكة تنادي بالحرية والاستقلال وتنادي بالسلام. إن وطننا استمر على مر الزمن يكافح كفاحا طويلا ومجيدا في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال إن آباءنا وأجدادنا استشهدوا في سبيل هذه الحرية وفي سبيل هذا الاستقلال.
• خلق قطاع عام قادر على قيادة التقدم في جميع المجالات ويتحمل المسئولية الرئيسية في خطط التنمية في وجود قطاع خاص يشارك في التنمية في إطار الخطة الشاملة لها من دون استغلال على أن تكون رقابة الشعب شاملة للقطاعين ومسيطرة عليهما معا.
• لا بد من هدم تحالف الإقطاع ورأس المال.. تحالف الرجعية مع الاستعمار لنقيم بدلا من ذلك تحالف قوى الشعب العاملة.. العمال، الفلاحين، المثقفين، الجنود، والرأسمالية الوطنية.
• لا بد أن يشعر كل عامل أن هذه القلعة قلعته، وأن هذه الصناعة صناعته، وأن الإنتاج إنتاجه، وأن الأرباح أرباحه. ولا بد أن يشعر كل عامل أنه يعمل ويعرق لكن عمله لن يذهب إلى مستغل. بل سيعود عليه وعلى أولاده وأبناء وطنه.
• هل أذبنا الفوارق بين الطبقات.. هل قضينا على الاستغلال؟ لا. نحن ما زلنا نعمل على تحقيق هدفنا الكبير: العدالة الاجتماعية، تكافؤ الفرص. إننا حينما نبني صرح العزة والحرية والكرامة، نشعر أن هذا الصرح لا يمكن أن يُبنى أو يكتمل اكتمالا إلا إذا قضينا على صروح الاستبداد والذلة والمسكنة.
• خرجت جرائد الخارج والرجعية ومحطات إسرائيل وجرائد أصحاب الذقون يقولون إن مصر فيها مجاعة.. هل مصر فيها مجاعة؟ هل أنتم جائعون؟!
لن نتعب أبدا من النضال، لأننا شعب مناضل، شعب مكافح، وشعب مضحي، وشعب مقاتل، يضحي ويقاتل من أجل تحقيق المثل العليا، ويثور من أجل المثل العليا. سنقاتل حتى آخر نقطة دم ولن نستسلم أبدا وسنبني بلدنا وتاريخنا ومستقبلنا وهذا شعار كل مصري.
• ليس هناك شك في أن الاستعمار متحالفا مع الرجعية ويحلمون بأنهم قد يستطيعون ضربنا ولكن هذا الحلم لن يتحقق لهم على هذه الأرض لأن هذه هي أرض مصر، على هذه الأرض، الشعب المناضل، الشعب المقاتل، الشعب الثائر الذي سيكون لصموده الأثر الأكبر في أن ينحسر المد الرجعي الاستعماري ويعود كما تقضي بذلك حتمية التطور والتاريخ إلى التقهقر ونحو الهزيمة الكاملة.