الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

القاهرة لم تعد ساهرة!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم نتخيل أن نعيش أياما كتلك التى نعيشها منذ انتشار وباء كورونا، فأصبحنا نتحرك بالكمامة والقفازات، ونخشى الاقتراب من أى شخص، ورغم تخفيف إجراءات الحظر لمحاولة التعايش مع هذا الواقع الذى لا نعلم متى سينتهى، إلا أننا جميعا نعرف أن الخطر ما زال موجودا وربما يزيد!..لذلك رغم مد فترة فتح المحال التجارية وخلافه من الخامسة إلى التاسعة، إلا أن البعض ما زال محافظا على الحظر رغم تخفيفه، لمحاولة تجنب العدوى!!..ويبدو أن ما نعيشه قهرا بفعل الوباء، شجع الحكومة على تنفيذ فكرة إغلاق المحال في التاسعة، والمقاهى والمطاعم فى العاشرة حتى بعد انتهاء الوباء!.. لأن المواطنين أصبحوا أكثر تقبلا للقرار بعد تلك الظروف، التى غيرت عاداتنا رغما عنا..فهذه الفكرة لم تكن جديدة، حيث طبقت فى أزمنة سابقة، وحاولت الحكومة فى عهد الجماعة الإرهابية تطبيقها عام 2012، ولكن هوجم القرار وفشلوا فى التنفيذ!..أما الآن فقد أكد المتحدث باسم مجلس الوزراء المستشار نادر سعد-فى العديد من البرامج- أن القرار سوف يستمر، وأن الحكومة وضعت دراسة مكتملة لتنفيذه، وإن كانت ساعات الإغلاق قد تختلف من الصيف عن الشتاء، ومن محافظة لأخرى خاصة المدن السياحية..كما أن مجلس النواب أقر قانونا جديدا للمحال التجارية، يتضمن فى أحد بنوده تحديد مواعيد فتح وغلق المحال بصفة عامة..أما عن فوائد القرار التى يعددها من يتبنونه فمنها:توفير الطاقة، والحد من الضوضاء الممتدة على مدى 24 ساعة، وزيادة إنتاجية العاملين، وتشجيع المواطنين على النوم مبكرا، وإعادة ضبط الحياة اليومية للأسر..وبغض النظر عن إمكانية تحقيق كل تلك الأهداف من خلال هذا القرار، إلا أن التنظيم فى حد ذاته شىء مطلوب، ولكن مع الوضع فى الاعتبار بعض النقاط التى تجعلنا نختلف عن الدول الاوروبية وغيرها من الدول التى نحاول الاقتداء بها..فمصر بطبيعة مناخها حارة وشمسها ملتهبة، وخاصة فى فصل الصيف..وبالتالى يصعب التجول والتسوق فى الشوارع المفتوحة فى حر الشمس إلا للضرورة..لذلك فأغلب الناس ينتظرون حتى غياب الشمس حتى يمكنهم التسوق، وغالبا يكون الميعاد الأنسب بعد صلاة المغرب، حيث ينظم الكثير من المصريين مواعيدهم طبقا لمواعيد الصلاة..ولكن مع غلق المحلات فى التاسعة، لن يتبقى بعد المغرب إلا أقل من ساعتين..وهو بالطبع وقت ضيق وغير كاف وخاصة فى ظل التكدس المرورى فى مصر، والذى سوف يزيد بفعل هذا القرار..وإذا نظرنا للدول الأوروبية التى تغلق أبوابها مبكرا، فهى تختلف فى
طبيعتها وظروفها، كما أنها تغلق المحال تماما -فى الغالب- يومى السبت والأحد (أو من منتصف السبت).. احتراما لقدسية اليومين فى اليهودية والمسيحية..حتى أن المادة (140) من دستور ألمانيا تنص على أن يوم الأحد هو يوم راحة، مثل ما يقال فى الكتاب المقدس..وبالتالى فإن المعتقدات الدينية كانت الأساس لتنظيمهم بهذا الشكل..وبالتالى علينا ألا نحاول التطبيق الحرفى، بل نأخذ فكرة التنظيم ونطبقها وفقا لظروفنا، ودون أن نتأذى من القرار..ومن ناحية أخرى فكرة أن يكون منح ساعات إضافية للمحال من خلال فرض ضريبة أو ما شابه، فذلك يعنى أن محدود الدخل هو فقط من سيحرم من التمتع بليل مصر!.. لأن المطاعم الرخيصة، أو المقاهى التى ما زالت تقدم المشروبات بجنيهين وثلاثة لن تتمكن في الغالب من دفع رسوم إضافية، وبالتالى لن يغلق سوى الأماكن الفقيرة..أما الأماكن التى يرتادها الاغنياء فهى بطبيعة الحال إما في الفنادق الكبرى، أو فى غيرها من أماكن سياحية بمبالغ كبيرة، ولن يؤثر فيها دفع مزيد من الرسوم، لأنها في النهاية ستحصلها من جيب الزبون القادر على الدفع!.. لذلك أقترح أن يتم مد موعد الإغلاق للساعة الحادية عشر.. فنكون بذلك قللنا استهلاك الكهرباء، واستفدنا بكل ايجابيات التنظيم، وفى نفس الوقت راعينا ظروف المواطن دون قهره وإرغامه.. أما المقاهي والمطاعم فأتمنى ألا يتم إغلاقها جميعا، بل ربما يكون الغلق فى الاماكن السكنية فقط لتجنب الإزعاج.. وفيما يتعلق بالقاهرة تحديدا، أتمنى ألا يؤثر هذا القرار فى طبيعتها وسمتها المميزة.. فهى محافظة لها خصوصيتها، وعرفت بين مدن العالم الجميلة بأنها الساهرة، أو المدينة التى لا تنام.. وقد كتب في سحر ليلها كثير من الأدباء والشعراء فى العالم، وقيل عنها:"عندما تستعد مدن العالم لدخول غرفة النوم، تستعد القاهرة للخروج منها".. ورغم أن القاهرة ليست وحدها المدينة الساهرة فى العالم، وإنما هناك العديد من المدن مثل: نيويورك وباريس ومدريد وبيروت ومراكش.. ولكن تبقى القاهرة الأولى بين مدن العالم، لا يسكنها الوحشة على مدى اليوم.. فليلها كنهارها ولكن دون لهيب الشمس الحارق.. وهو ما يجتذب كثير من السياح الذين يأتون للتمتع بليلها بشكل خاص..لذلك أتمنى ألا نفقد بهجة وبريق ليل القاهرة، والذى طالما إجتذب بسحره السائحين وألهم المبدعين!