المتابع لموقف مصر إزاء الأزمات الراهنة، خصوصا ما يتعلق بالأوضاع فى ليبيا، والاحتلال التركى عبر زرع ميليشيات ليس من سوريا فقطـ، بل تعداها إلى داعشيين من تونس، يدرك أن القاهرة حريصة على اتباع نهج كل ما يتعلق بالشرعية فى الوصول للقرار النهائى الذى تغطيه مختلف المقررات والقوانين الدولية التى تعطى لمصر التدخل فى الوقت المناسب.
لو رجعنا قليلا قبل اجتماع مجلس الدفاع الوطنى يوم الأحد، وما شهده من تأكيد على الثوابت المصرية فى معالجة قضية حساسة جدًا، فقد حرصت مصر فى يونيو الماضي، على التأكيد على وجود شرعية تتيح لها التدخل لحماية أمنها القومي، من التمدد التركى فى الأراضى الليبية، ولحماية أمن البلاد، وحماية أمن دولة جارة.
بعدها حذرت مصر مرارًا من المخاطر التى يمثلها نقل ميليشيات ومرتزقة، من خارج ليبيا إلى الأراضى الليبية، ضمن خطوات لشن عمليات ضد الجيش الوطني، وتوالت الخطوات التدريجية من جانب القاهرة فى ذات السياق، وأخطرت المنظمات الدولية ودول العالم، بشأن المخاطر التى يمثلها التدخل التركى على أرضية أيديولوجية فى الأوضاع المتوترة فى ليبيا.
واستقبلت القاهرة، وفدا من القبائل الليبية، فى تظاهرة شعبية، تطلب الدعم المصرى فى قضية وطنية تمس البلدين، أكثر ما تمس طرفًا دون الآخر.
ويستمر التدرج المصرى بعقد اجتماع مجلس الدفاع الوطنى الأحد الماضي، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وذلك فى توقيت محسوب بدقة شديدة، ووفق منهج التدرج فى طريق مصر نحو الخطوة التالية والنافذة، إذا ما اقتضت الضرورة للتدخل عسكريًا.
والتأكيد على إحلال السلام بين الأطراف الليبية والالتزام بالحل السياسى لإنهاء الأزمة والحفاظ على سيادة ووحدة أراضيه، ومنع فوضى انتشار الجماعات الإجرامية والميليشيات المسلحة المتطرفة، وضمان الشفافية لمقدرات الشعب ومنع سيطرة أى من الجماعات المتطرفة على موارده.
ومصر هنا تعرف طريقها بوضوح، فقد عرضت على المستوى الوطنى قضية الأزمة الليبية على مجلس الأمن الوطني، لتنتقل إلى مجلس الدفاع الوطني، واللذان يضعان الرؤية السياسية والأمنية والدفاعية فى إطار نقاش مسئول فى ضوء المعطيات على الأرض، ليأتى فى أعقاب ذلك، الدور البرلماني، ليعطى الشرعية لأى تحرك، متوقع، ليقوم المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوضع الرؤية التنفيذية للقيام بأى مهمة مطلوبة منها للدفاع عن أمن وطن وشعب يفوضها فيها.
تلك هى مصر.. دولة تعرف طريقها الصحيح فى قضايا الوطن والأمة.