الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السندات البيئية.. آلية تمويلية جديدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في خضم الاهتمام الذى يوليه الرئيس عبد الفتاح السيسي لقضايا التنمية المستدامة التى تستهدف تحقيق التوازن بين تنمية اقتصادية حقيقية وحماية بيئية فعلية، ولعل دعوته الأخيرة بتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي تأتي في هذا السياق، بما يستوجب البحث عن آلية أكثر ملائمة لتحقيق الطموح الرئاسي في سعيه إلى بناء دولة عصرية حديثة تضع الإنسان المصري في قلب رؤيتها وتحركها نحو المستقبل.
ومن ثم برز الحديث عن السندات البيئية أو السندات الخضراء كآلية تمويلية لرفد الاقتصاد الوطني بمزيد من الاستثمارات الأجنبية خاصة وأن التوجه العام ما بعد أزمة كوفيد- 19، تمثل في وجوبية مراعاة الأبعاد البيئية في المشروعات التنموية، وهو الأبعاد التى تحرص الحكومة المصرية من خلال وزارتى التخطيط والبيئية العمل على تضمينها في الإستراتيجية الخاصة بالتكيف في إطار عملية تحديث أجندة التنمية الوطنية (رؤية مصر 2030)، إذ أعلنت وزارة المالية عن استعدادها لطرح هذه النوعية من السندات لاستخدامها في تمويل المشروعات الخاصة بالبيئة وتغير المناخ، حيث تجتذب هذه السندات مستثمرين من القطاع الذي يركز على الاستثمارات المستدامة؛ وبالتالي فهي تساعد على زيادة الوعي بالبرامج البيئية.
والحقيقة أن الإسراع في إصدار مثل هذه السندات إنما يحقق العديد من المزايا للاقتصاد المصرى، منها إعطاء صورة إيجابية عن الدولة المصرية ومؤسساتها كافة بشأن رؤيتها التنموية بما يسهم بدوره في جذب المزيد من الاستثمارات الصديقة للبيئة من ناحية، والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة في مقدرات الوطن وثرواته من ناحية أخرى. 
كما تمنح هذه السندات الفرصة للدولة المصرية للاستفادة من المبادرة التى أطلقها المصرف المركزي الأوروبي، قبل تفشي فيروس كورونا بشأن دوره في مواجهة التغيرات المناخية كجزء من مهامه المستقبلية لتوليد بيئة منتجات مالية نظيفة، بما يعني إمكانية أن تكون مثل هذه السندات جاذبة للمستثمرين الأوروبيين خاصة في ظل الإقبال الواسع من جانب هؤلاء المستثمرين بسبب مردودها الآمن وطويل الأمد، يدلل على ذلك أن هذه الفكرة تم تطبيقها قبل ثلاثة أعوام في فرنسا كأول دولة في منطقة اليورو تقوم ببيع سندات بيئية تستحق بعد 22 عامًا، وسرعان ما انضم إليها كل من بلجيكا وهولندا وآيرلندا وبولندا، ووصل مجموع السندات البيئية الفرنسية إلى 7 مليارات يورو. 
نهاية القول أن ضمان نجاح تجربة السندات البيئية في دعم الاقتصاد الوطنى يحتاج إلى تضافر رسمى وتسويق اعلامى صحيح لمردودات هذه النوعية من السندات وأمنها حتى تكون جاذبة للمستثمرين، وهو ما يستوجب بدوره أن تسرع وزارتو التخطيط والبيئة برسم الخطوط الإرشادية للمعايير البيئية العامة في قطاعات الدولة المختلفة وخاصة في المجالات ذات الأولوية بما يمكن معه تحقيق فائدة مضافة بجانب الفوائد المادية كمجالات النقل المستدام والمخلفات. هذا فضلا عن اهمية الاسراع في عقد دورات تدريبية لتوفير متخصصين بيئيين قادرين على شرح كافة التفاصيل لبعث رسالة طمأنة للمستثمرين الجادين الذين يسعون إلى تحقيق المعادلة التوازنية بين اقتصاد قوى وبيئة نظيفة، إدراكا منهم بأن غياب البعد البيئي لا يحمل الدولة فقط تكلفة أعلى، وإنما يتحمل أصحاب الاستثمارات أعباء إضافية تقلل من مكاسبهم وعوائدهم.