الأحد 06 أكتوبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

تحالف الإرهاب بين أردوغان و«فرق الموت»

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
«رجب» يتخلى عن «رابعة» مقابل شعار «الذئاب الرمادية».. والتفوق للعرق والشعب التركى واستعادة أمجاده وتاريخه أبرز أهداف الحركة

تنظيم الذئاب الرمادية، وتسمى أيضا الشباب المثالى وتعرف رسميا باسم (بالتركية: Ülkü Ocakları)‏، منظمة تركية يمينية متطرفة تشكلت في أواخر ١٩٦٠، تعتبر الذراع المسلحة غير الرسمية لحزب الحركة القومية، تعارض أى تسوية سياسية مع الأكراد، كما أنها كانت معادية للسلطة التركية حتى الاتفاق مع أردوغان، وقد سبق أن اتهمت بالإرهاب.

استلهم اسمها من أسطورة قديمة تتحدث عن قبيلة تركية كانت تعيش في ما يعرف الآن بالصين، حصلت بحقها مجزرة وأُبيدت بالكامل على يد قبيلة أخرى منافسة، وكانت نهاية هذه القبيلة وحشية، لكن كان هناك ناجٍ وحيد، وهو طفل صغير أنقذته ذئبة رمادية اللون ضخمة اسمها «آسينا»، لكن القبيلة التى نفذت المجزرة بحق قبيلة الطفل، قطعت قدميه وألقت به في مستنقع، حينها استجابت الذئبة لصرخاته المفزعة، ورحّبت به وأرضعته، الذئبة «آسينا» هى نفسها مَن قادت الأتراك من وادى ايرجينيكون الذى ظلوا فيه أربعة قرون بعد هزيمتهم عسكريًا. وتُعتبر هذه الأسطورة هى القصة التى أدت إلى نشوء القوميتين المنغولية والتركية، بحسب بعض المؤرخين، ومن هنا جاءت التسمية، وجاء الشعار الذى تحول إلى شعار القوميين المميز، في إشارة منهم لاعتقاد بأنه يعنى نقاء الجنس التركى والهوية المميزة، ويغذى نزعة التفوق العرقي، على غرار النازية.

منظمة الذئاب الرمادية (بالإنجليزية: Grey Wolves)‏ أسسها ألب أرسلان توركش، وهو عقيد سابق في الجيش التركي، وأحد مؤسسى انقلاب ١٩٦٠، وتعتبر هذه المنظمة الجناح العسكرى السرى لحزب الحركة القومية وتسمى هذه المنظمة بـ«حركة الشباب المثالي» ولاحقًا «فرق الموت».
تنشط الذئاب الرمادية في قطاعات مختلفة من الاقتصاد، والتعليم، والمراكز الثقافية والرياضية وتمثل الجامعات والكليات بيئة مهمة لنشاط عناصر المنظمة ولكن سلطتهم الحقيقية وتأثيرهم المباشر يبدأ من الشوارع، وبين الفقراء الساخطين في مناطق المسلمين السنة، وقد تآلفت منظمة الذئاب الرمادية من الشبان التركى حصرًا، وغالبا من الطلاب أو المهاجرين الذين تركوا الريف ونزحوا إلى أكبر مدينتين في تركيا وهى إسطنبول وأنقرة.

تركز منظمة الذئاب الرمادية في أفكارها على: التفوق للعرق والشعب التركى واستعادة أمجاده وتاريخه، والسعى لتوحيد الشعوب التركية في دولة واحدة تمتد من البلقان إلى آسيا الوسطى مستلهمين ذلك من تاريخ الدولة العثمانية التى جمعت تحت سلطتها الكثير من الولايات في آسيا وأوروبا وأفريقيا، محاولة دمج الهوية التركية والدين الإسلامى في توليفة واحدة وهو ما تراه مهيمنًا جدا في خطاباتهم وأطروحاتهم، معاداة القوميات الأخرى كالكرد واليونان والأرمن وباقى المجموعات الدينية كالمسيحيين واليهود، ومعارضة القضية الكردية في تركيا بشتى الوسائل.

ويصف باحثون المنظمة بأنها عبارة عن «نصف مليون متطرف وإرهابى في خدمة أردوغان». وقبل ذلك كانت «الذئاب الرمادية» هى القوة الرئيسة المشاركة بأعمال العنف السياسى التى جرت في تركيا في ثمانينيات القرن الماضي، وشاركت في عمليات القتل وتبادل إطلاق النار في الشوارع.
وانخرطت المنظمة بعمليات إرهابية كبيرة، حيث صُنفت كمنظمة إرهابية مسئولة عن قتل مئات العلويين في مذبحة مرعش عام ١٩٧٨، ومتورطة في مذبحة ميدان تقسيم عام ١٩٧٧ التى راح ضحيتها ١٢٦ شخصا، كما تُعتبر كوادرها العقول المدبرة لمحاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثانى عام ١٩٨١ بواسطة محمد على آغا.
وتم اعتبار «الذئاب الرمادية» منظمة معادية للسلطة التركية في الثمانينيات بعد أن أصبح للمنظمة نحو ١٠٠ معسكر للتدريب، ونحو ١٧٠٠ فرع، وضمت أكثر من ٢٠٠ ألف عضو. وسجلت السلطات التركية أن ٢٢٠ عضوًا بالمنظمة قتلوا ٦٩٤ من الناشطين والمفكرين اليساريين والليبراليين في تركيا.

تتخبط مواقف واستفزازات أردوغان، فها هو يحوّل كاتدرائية «آيا صوفيا» السابقة من موقع سياحى إلى مسجد، وهو إذ يحاول المزج بين أسطورة عودة الخلافة العثمانية، وبين الظهور بمظهر العلمانى الغربى ضمن حلف الناتو، يعمل للترويج لامتداد حكمه مستغلًا أى جماعة أو منظمة، بعدما تبيّن تآكل التأييد الجماهيرى له، بل هناك مَن تحداه من داخل حزبه، إضافةً إلى الأزمات الاقتصادية التى تعصف بالبلاد. 
ولكن الأبرز في الفترة الأخيرة كان تخليه عن إشارة «رابعة» التى اشتهر بها في دعمه لجماعة «الإخوان المسلمين»، مقابل إشارة «الذئاب الرمادية» وذلك في خضم معاركه مع الأكراد العام الماضي.
لم يكن أردوغان الوحيد الذى استعمل هذه الإشارة، إذ قام رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم باستخدامها، ما أثار مواقف مندِدة ومنتقِدة من أعضاء في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا. 

تبعها بعد ذلك صورة لجندى تركى مشيرًا بنفس العلامة، في الأتارب (شمال سوريا) في ١٢ فبراير الماضي، أغضبت مغردين من مناطق مختلفة حول العالم، ودفعت البعض إلى اتهام الجيش التركى بوجود عناصر فاشية ضمن صفوفه. يذكر أن النمسا أدرجت شعارين تستعملهما جماعات في تركيا على لائحة الإرهاب الخاصة بها، وهذان الشعاران هما «الذئب الرمادي» و«شعار رابعة».
رغم أن أنقرة تنشر عدة أذرع متطرفة في الأراضى الألمانية، فإن تنظيم الذئاب الرمادية سيئ السمعة يعد الأخطر والأكثر تطرفا، ويعمل على إشعال التوترات في أوساط الجالية التركية، ويمثل تهديدا للأمن والديمقراطية. 
ووفق دراسة للمركز الاتحادى للتدريب السياسى في ألمانيا، فإن تنظيم الذئاب الرمادية متواجد في الأراضى الألمانية منذ عقود، ويملك العشرات من التنظيمات الصغيرة والمتوسطة، مثل Türk Federasyon و«ايتيب».
ويشن التنظيم المتطرف حملات دعاية ضد المعارضين الأتراك المقيمين في ألمانيا من اليساريين والأكراد والأرمن.
ويملك ١٨ ألف عضو في الأراضى الألمانية، ما يجعله أكبر تنظيم متطرف في البلاد، إذ يبلغ عدد أعضائه ومنظماته ٣ أضعاف حزب «إن بى دي»، أخطر حزب نازى في ألمانيا، وفق المصدر ذاته.
ويرفض الآباء المؤسسون أى مساواة بين القومية التركية، وغيرها من القوميات، ما يعيد للأذهان الأفكار النازية في عهد أدولف هتلر.
وقالت الدراسة الألمانية إن أفكار هؤلاء الأتراك المتطرفين هى التى مهدت للإبادة الجماعية التى ارتكبتها تركيا بحق الأرمن إبان الحرب العالمية الأولى.
وخلال فترة الحكم النازى لألمانيا، روج النازيون بقيادة السفير الألمانى في تركيا، فرانز فون بابن، للحركات التركية الفاشية، وأظهروا اهتماما بأفكار المتطرفين القوميين الذى مثلوا اللبنة الأولى لتنظيم الذئاب الرمادية، وروجوا بدورهم إلى الأيديولوجية النازية.
وبدعم من ألمانيا النازية، ازدهرت الأفكار القومية التركية في الثلاثينيات، ونظم أنصارها أنفسهم في جمعية Turk Ocağı (منزل الأتراك).
يعد تنظيم الذئاب الرمادية في الوقت الحالي، حليفًا استراتيجيًا مهمًا لحكومة حزب العدالة والتنمية والرئيس التركى رجب طيب أردوغان.
فبعد الانقلاب المزعوم في يوليو ٢٠١٦، كثفت حكومة أردوغان، وفق الدراسة الألمانية، سياسة القمع ضد الأكراد وأتباع الداعية فتح الله جولن، ما أدى لتعميق التحالف بين الرئيس التركى وتنظيم الذئاب الرمادية نظرا لوحدة الهدف والوسيلة.
وظهر أنصار «الذئاب الرمادية» وأردوغان جنبا إلى جنب في مظاهرات ضد الانقلاب المزعوم في ٢٠١٦، في المدن الألمانية، وخاصة في ٣١ يوليو في مدينة كولونيا غربى ألمانيا، حين ظهرت شعارات وأعلام التنظيم في تجمع لمؤيدى أردوغان.
وتكرر الأمر في مظاهرة مؤيدة لأردوغان في نفس الشهر في مدينة ميونخ، جنوبى ألمانيا، وكذلك في العاصمة برلين، ووهامبورغ «وسط» وشتوتغارت «غرب».
كما وقعت العديد من الهجمات على المؤسسات الكردية والجمعيات الدينية القريبة من جولن في ألمانيا، في الأشهر التالية على المحاولة الانقلابية المزعومة، وجهت فيها السلطات أصابع الاتهام لتحالف أردوغان والذئاب الرمادية.
وفى بداية مارس ٢٠١٧، ألقى وزير الخارجية التركى الحالى مولود جاويش أوغلو، خطابا من مقر القنصلية في هامبورغ، بحضور أنصار حكومته، وظهرت تحية الذئاب الرمادية الشهيرة بكثافة في التجمع.
وقبل أسابيع من المحاولة الانقلابية المزعومة، وبالتحديد عندما مرر البرلمان الألمانى (البوندستاج) قرارًا يعترف بإبادة تركيا للأرمن، في يونيو ٢٠١٦، تلقى عدد كبير من النواب الذين دعموا القرار تهديدات من القوميين الأتراك، حلفاء أردوغان، ما أدى لوضع ما يقرب من اثنى عشر من أعضاء البوندستاغ تحت حماية الشرطة.

وفق الدراسة الألمانية، فإن هناك تقديرا متبادلا وتقاربا أيدولوجيا بين النازيين الجدد وتنظيم الذئاب الرمادية في الوقت الحالي، يصل إلى مرحلة التنسيق.
ولفتت الدراسة إلى ما وقع في أبريل ٢٠١٦، حين ظهر أعضاء الذئاب الرمادية في مظاهرة جنبًا إلى جنب مع نشطاء من الحزب النازى الجديد، ضد حزب العمال الكردستانى اليساري، في مدينة نورمبرج جنوبى ألمانيا.

يملك تنظيم الذئاب الرمادية وجودا قويا في الأراضى الألمانية بعشرات التنظيمات والجمعيات ونحو ١٨٠ ألف عضو، ويخضع لرقابة هيئة حماية الدستور «الاستخبارات الداخلية» الألمانية بسبب خطورته على أمن البلاد، وفق وثيقة للبرلمان الألمانى تعود إلى أكتوبر ٢٠١٨.
وذكرت دراسة المركز الاتحادى للتدريب السياسى في ألمانيا أن الذئاب الرمادية أكبر وأخطر تنظيم متطرف في البلاد، إذ يبلغ عدد أعضائه ومنظماته ٣ أضعاف حزب «إن بى دي»، أخطر حزب نازى في ألمانيا.
وأوضحت وثيقة أخرى للبرلمان الألماني، ومؤرخة بـ٩ نوفمبر ٢٠١٨، إن أردوغان يقود تحالفا غريبا وخطيرا من المتطرفين الممثلين في الإخوان وحركة ميللى جورش «الرؤية الوطنية»، والقوميين المتطرفين المتمثلين في الذئاب الرمادية وحزب الحركة القومية.