الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تخلف أم خلافة!؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
استمر العثمانيون في احتلالهم للدول العربية والإسلامية لأكثر من 600 عام. ضرب فيها العثمانيون على المسلمين سورا حديديا من العزلة والجهل والظلام أدي إلى تراجعهم عما حولهم من العالمين، واستطاع الغرب الاوربي في الوقت نفسه ان يعبر عصور ظلامه بثورات صناعية، نصبته سيدا على رأس العالم، وما زال ينعم بنهضته التي أسسها عندما تم تغييب العالم الإسلامي عن ركب العلم والحضارة تحت سطوة وأمر العثمانيين لقرون ست.
وبهذا نستطيع ان نرجع تأخر العرب حتى وقتنا هذا إلى ما فعله العثمانيون بالمسلمين من ضعف وجهل وفقر نعاني لعنته حتى يومنا هذا.بعد ان كانت دول المسلمين منارات علم يفد اليها طلابه من كل فج عميق أو قريب.
وفجأة وجدت بلاد المسلمين التي كانت عامرة بالمدارس والعلماء قد تم سجنها مرغمة في نفق اسود من الجهل حيث منع هكسوس عصرهم بلاد المسلمين من ان تستمر في طريق العلم والنور، وأرغموها على أن تقبع ساكنة ذليلة وقد تم اعماؤها وصم آذانها عما يجري حولها من حراك علمي وتنويري.
الاحتلال العثماني أغلق كل منافذ النور الا من كتاتيب لا تغني من العلم الا اليسير منه، مكتفية من العلم بالابجدية وحفظ بعض سور القرءان الكريم. أما معامل العلم ومدارسه العليا فلم يعد لها وجود في عصر هكسوس عصرهم.
بل ان التراجع العلمي انسحب ايضا على الادب والشعر. فكان عصر الاحتلال العثماني هو الادني في مجال الإبداع والشعر، فتراجع وهج المواهب الأدبية واعتمد الشعر في عصر الاحتلال العثماني على التكلف، فكما نضب معين الامة من العلماء والحكماء والفلاسفة نضب ايضا معين الشعر والادب فلم نسمع اسما واحدا له شأن في عصر المحتل العثماني، كما كنا نسمع أسماء فطاحل الشعر والادب في العصرين الاموي والعباسي.بل تراجعت فنون اللغة في عهدهم تراجعا بينا واصبح الشعر بلا روح يغلب عليه السجع ويخلوا من الإبداع.
هذا التدني الواضح في مستوى العلم والادب والإبداع،لم يكن مقصورا فقط على الدول المغلوبة على امرها،المحتلة من جانبهم،بل ان دولة الاحتلال نفسها لم نسمع ان واحدا من أبنائها قد نبغ في علم من العلوم أو فرع من الادب.
وأعتقد أنك مثلي لم يتناهي إلى سمعك ان ظهر من بين الاتراك عالما، أو فقيها في العلوم الشرعية أو اللغوية ولا تجد منهم قارئا واحدا للقرءان الكريم يمكن ان يشار اليه بالموهبة والإبداع، على مدي 600 عام وما بعدها.
اما عن الفنون اليدوية والحرف الإبداعية فقد تدهور مستواها إلى حد بعيد في عصرهم بعد ان تم تجريف الامة التي كانت عامرة بهؤلاء الفنانين والعمال المهرة وتم ارسالهم لبناء دولة الاحتلال التي كانت تقريبا خالية من أي ملامح إبداعية في فنون العمارة والنقش والنسج وغيرها من كافة صور الحرف الإبداعية.
تجريف الامة لم يكن فقط في مجال قنص المهرة من المهندسين والفنانين في مجالات العلوم التطبيقية بل ان المحتلين كانوا حريصين على الاستيلاء على جميع ممتلكات الضحايا الذين يلقي بهم حظهم العاثر في طريق جنودهم الذين كانوا لا يتورعون عن ارتكاب اي فاحشة والاستيلاء على الاموال الحرام.
هو احتلال لم يسبقه ولم يخلفه احتلال في قسوته وحقارته فيمكنك ان تذكر للمحتل الفرنسي منجزا في حجم كتاب "وصف مصر"، أو ادخال الطباعة اليها، أو اكتشاف حجر رشيد بها، رغم ضآلة المدة الزمنية التي قضاها في مصر وهي اقل من ثلاث سنوات، كما يمكنك ان تنسب للمحتل الإنجليزي تأسيسه لمشروع السكك الحديدية التي ما زالت تعد احد أكبر مشروعات النقل في مصر والعالم العربي. لكن يا تري هل يمكنك ان تذكر شيئا من إنجازات الاحتلال العثماني على بلاد المسلمين سوي أنهم اسلمونا لاحتلال اوربي ما زلنا نعاني اثاره، وباعوا ارض فلسطين للصهاينة يتم استنزافنا بسببها حتى اليوم. كانت بحق حقبة تخلف لا خلافة.!