الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التعدين في مصر.. نحو رؤية استراتيجية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في إطار استكمال الرؤية التنموية للرئيس عبد الفتاح السيسي لبناء الدولة المصرية في كافة القطاعات والمجالات، جاء الاهتمام بقطاع الثروة المعدنية من خلال دعوته بصياغة رؤية إستراتيجية شاملة لتطوير هذا القطاع بما يسهم في استكشاف أهم مناطق الثروات المعدنية الكامنة في ربوع مصر، وبما يساعد في الوقت ذاته على زيادة نسبة مساهمته في الناتج القومى الإجمالي. 
والحقيقة أن الحاجة إلى هذه الرؤية الإستراتيجية تأتى من منطلقين أساسيين: الأول: مدى أهمية التوافق بين هذه الرؤية والرؤية التنموية المصرية 2030، حيث تستهدف الرؤية التعدينية اقامة مشروعات تعدينية ذات قيمة مضافة أعلى، يترتب عليها توفير المزيد من فرص العمل، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية والتى تؤدى بدورها إلى زيادة حجم مساهمة هذا القطاع في إجمالي الناتج المحلى ليصل إلى 7 مليارات دولار بحلول 2030، حيث إنه من المستهدف جذب استثمارات أجنبية مباشرة خلال عامين في هذا القطاع تقدر بنحو 375 مليون دولار، وزيادة الاستثمارات المباشرة المتوقعة في عام 2030 من 700 مليون دولار إلى مليار دولار. 
أما المنطلق الثانى فيشير إلى أن هذه الدعوة جاءت متزامنة مع كشف تجاري للذهب في الصحراء الشرقية باحتياطي يقدر بأكثر من مليون أونصة من الذهب، وأن نسبة الاستخلاص تبلغ 95 بالمائة، حيث تعد من أعلى نسب الاستخلاص، وبإجمالي استثمارات على مدى العشر سنوات القادمة أكثر من مليار دولار، وذلك كله وفقا لما أعلنته وزارة البترول والثروة المعدنية في بيان لها في أواخر يونيو الماضى. 
وغنى عن القول أن من أهم ما يسهم في تعزيز دور هذا القطاع في الاقتصاد الوطنى، ما اتخذته الحكومة خلال العامين الماضيين من خطوات جادة في هذا السبيل، منها وضع إطار تشريعى ناظم لكيفية استغلال الثروة المعدنية التى تزخر بها الأراضى المصرية، حيث تم إصدار قانون جديد للتعدين حمل رقم 145 لسنة 2019 وذلك بتعديل بعض أحكام قانون الثروة المعدنية رقم 198 لسنة 2014، كما صدرت لائحته التنفيذية، وقد هدف هذا القانون إلى ضمان وضع إطار متوازن يضبط آليات العمل في المناجم والمحاجر، ويسهم في تحفيز المستثمرين وتشجيعهم إذ كما هو معلوم أن الاستثمار التعدينى يتسم بقدر عالٍ من المخاطرة، لذلك يحرص المستثمر على العمل في دول تضمن له حقوقه وتوفر له قدرا كبيرا من الحرية في التعامل، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى عمل القانون على حفظ حقوق الدولة وعائداتها من استغلال ثرواتها التعدينية. 
نهاية القول.. إن صياغة الرؤية الإستراتيجية المطلوبة تستوجب أمرين مهمين: الأول، تغيير النظرة إلى مشروعات التعدين من مجرد مشروعات تجارية تدر عوائد ورسوم نقدية لخزانة الدولة، إلى اعتبارها مشروعات قومية تخلق قيمة مضافة وتخفض فاتورة استيراد البلاد وترفع معدلات نمو الناتج القومى وتعمق الصناعات المحلية. 
أما الأمر الثانى فيتمثل في ضرورة الاستفادة من التكنولوجيا وتطوراتها المستمرة في كيفية تعظيم الاستفادة من الثروات المكنونة في باطن الأرض المصرية وتحتاج إلى قدرات هائلة واستثمارات كبيرة يمكن أن تكون للتكنولوجيا دورا مهما في تخفيضها أو تقليلها بما قد يمكن الدول التى تتواجد على أراضيها مثل هذه الثروات من استغلالها بشكل وطنى بعيدا عن ضغوطات واستغلالات الشركات الدولية ذات المصالح النفعية والمادية على حساب مصالح الشعوب صاحبة الحق في هذه الثروات المعدنية.