من الأمور التي يحلم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من ترسيخ وجوده في ليبيا، أن يواجه دولة ما بعد 30 يونيو 2013 في مصر، والتي أنهت الوجود الإخواني في مصر، وهضمت حلمه، وأصابته بالضربة القاضية، وتحطيم البنية التحتية للدولة الدينية التي سعى وساعد لإقامتها في مصر خلال حكم الإخوان على مدى عام.
وهذه الضربة التي مُنيَ بها أردوغان، ما زال يشعر بآلامها، ويسعى للانتقام من خلال الحملة التي يخوضها ضد "مصر يونيو 2013"، ومن خلال استغلال كل مناسبة محلية أو دولية للتلسين على مصر، وأخيرًا وجد في ليبيا في ظل وجود حكومة إخوانية الفكر والتفكير، وغير دستورية في طرابلس، ليبرم معها اتفاقًا غير شرعي، ليتسنى له التواجد بالقرب من مصر، لإعادة تصدير الإرهاب للأراضي المصرية، بعدما فشلت كل محاولاته مع الأمير الصغير المتواجد في قطر، عبر شبه جزيرة سيناء، بدعم العناصر الداعشية والإخوانية بالمال والسلاح.
وأدركت الدولة المصرية وقيادتها كل محاولات وأطماع العثمانلي، ولهذا أطلقت تحذيراتها في كل زمان ومكان، من التمدد الإرهابي الأردوغاني، والذي يبدو أنه ليس له حدود، بل وصل إلى قلب أوروبا، وليس في ليبيا وسوريا فقط، بل تخطى إلى ما هو أعمق، بالتحالف مع الكيانات غير الشرعية، والتنظيمات والجماعات الإرهابية، على غرار "داعش" و"جبهة النصرة"، و"الإخوان" وتوابعها في كل مكان، وغيرهم من التنظيمات التي تؤمن بالعمل المسلح، والقتل والتخريب طريقا لتحقيق مآربها، بل والسطو على ثروات البلدان التي تحط بها.
وأقسمت مصر قيادة وشعبا على أن يقفا على قلب رجل واحد، في مواجهة عدو هدفه الرئيسي هو إثارة الفوضى، والسعي إلى الابتزاز، والذي لم ولن تقبله مصر شكلًا، وموضوعًا، وأعلنت استعدادها، للقيام بأية عمليات عسكرية واسعة في ليبيا، حال يمثل هذا الابتزاز والاستفزاز ضررًا بالأمن المصري، والسيادة الحدودية، وكل ما يتعلق بحماية دولة شقيقة وجارة.
ولا شك أن السياسة التركية أصيبت بحالة من الخلل، وأصبح القول من جانب محلليها بأن ما تقوم به من مصر من تحذيرات، ما هو إلا "دخان"، قول تدحضه التحذيرات العملية والفعلية وتعمل له ألف حساب، والمؤكد أن العثمانلي وحليفه السراج يبحثان عن مخرج في هذه اللحظات.