السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أردوغان.. ياواد يا مؤمن

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فعلها أردوغان.. تحويل متحف القديسة صوفيا إلى مسجد لن ينقص التراث الإنساني متحفا، ولن يزيد الإسلام مسجدا، ولكنه سيفتح بوابات التوتر والمكايدة على الجميع.. قلنا ألف مرة أن معظم النار من مستصغر الشرر، وما أقدمت عليه تركيا وأردوغانها ليس مستصغر الشرر، ولكنه الغباء السياسي الذي قد يصل إلى حد العمالة بهدف تمهيد الأرض لعشرات القرارات المماثلة في عشرات الدول وعند حدوث ذلك سوف تبطل الحجة التي تنادي بإعادة الشيء لأصله، تبطل الحجة لأن المغرور التركي فتح بوابة التعصب التي لايمكن غلقها إلا بعد تقديم دماء الأبرياء وكأنها قرابين عفو للتسامح والتصالح والعيش المشترك.
والمثل واضح وبارز إذا ضاع في الغد القريب المسجد الأقصى وصار معبدا يهوديا فلا ترشقوا السهام إلا في رقبة هتلر العصر الحديث أردوغان المراهق سياسيا المتطرف إخوانيا، وإذا صعد اليمين المتطرف في أوروبا ومسك زمام الحكم وأغلق زوايا ومساجد وهي بمئات المئات هناك فلا ترشقوا السهام إلا في رقبة المتطرف الأول أردوغان الذي ضاقت الدنيا عليه وعلى المسلمين الأتراك ولم يجدوا مكانا للصلاة إلا في الأثر التاريخي المسجل باليونسكو متحف القديسة صوفيا الذي بدأ كاتدرائية ثم مسجدا ثم متحفا يزوره الملايين سنويا.

فعلها أردوغان معتقدا أن تجاوز التاريخ والثوابت قد يعالج الأزمات الحادة في تركيا من انهيار الليرة إلى تفشي وباء الدعارة إلى هزائمه المتلاحقة في حوض المتوسط وليبيا إلى تراجع شعبيته هو وحزبه داخل تركيا.. يعتقد أردوغان أنه بالقفز إلى الأمام قد ينقذ مراكبه الغارقة وهذا أمر مستحيل.. لذلك نرى أن هذه الزوبعة الاردوغانية لن يخمدها إلا الشعب التركي نفسه لنعرف بعدها إذا كان أردوغان هو من يعبر عن الشعب التركي أم أن أردوغان هو الصوت الواضح للإرهاب في العالم كمتطرف ينافس بن لادن والظواهري والبغدادي ولكن في ملابس رسمية.

وقريبًا جدا قد تخمد زوبعة هذا المغرور بالرصاص المسكوب على رأسه في ليبيا وله في درس قاعدة الوطية قبل أسبوع رسالة واضحة.

زرت متحف القديسة صوفيا عام ٢٠١٨.. هناك تستطيع أن ترى بعين قلبك دم القساوسة النازف على بلاطها زمن محمد الفاتح ما زال يلعن القتلة والمجرمين الذين لم يعرفوا من الإسلام سوى فقة القتل واغتصاب السبايا.. أما حكاية البيع والشراء التي فعلها الفاتح فهي أكذوبة تصلح للمنافقين وكل من يريد تبرير الاعتداء، لا عقد لمهزوم مرغم ولا شرعية لمنتصر فارض الشرط، وعندما قام مصطفى كمال أتاتورك بحل المعادلة وإعلان الكاتدرائية متحفا إنسانيا للجميع هنا كان العقل السياسي في أفضل تجلياته.
مسجد جديد اسمه مسجد القديسة صوفيا لا يبتعد عن مسجد السلطان أحمد بأكثر من خمسين مترًا. مسجد السلطان أحمد واسع وضخم وقادر على استيعاب أعداد كبيرة من المصلين يقع على بعد خطوات معدودات من متحف آيا صوفيا، إذن ليست المشكلة في ندرة المساجد، ولكن كل الحكاية هي إضافة مسجد جديد يزايد به أردوغان على الخليفة الراشد عمر بن الخطاب الذي رفض الصلاة في رحاب كنيسة القيامة حتى لا يقلده من بعده.

مزايدة رخيصة وإشعال للنيران وفوضى يقودها الإرهابي أردوغان الذي يرى أن عمر بن الخطاب لا يعرف من الإسلام شيئا.. بينما الشيخ رجب راعي الدعارة في ميدان تكسيم بوسط إسطنبول هو حامي حمى الإسلام والمسلمين.. عفوا من أراد الرؤية بعين سليمة لا يمكنه أن يرى خطوة الشيخ رجب إلا في إطار خدمته المباشرة لإسرائيل.. الخطوة المجنونة في متحف القديسة صوفيا التي رقص لها دراويش التفاهة غلمان الأتراك هي خطوة تمهيدية لكي يرد الآخرون بالمثل.. وليذهب الأقصى وغيره إلى دوامات النسيان.. وهنا ستكون حجة الآخر واضحة.. العين بالعين والسن بالسن ونزيد في ذلك وبصوت أنور السادات والعمق بالعمق.

أين تعلم هؤلاء السياسة.. متأسلمون جاهلون يحفرون لأنفسهم ولمن يمشي خلفهم مقابر تاريخية مجانية.. لا أكتفي بوصفهم جاهلين، ولكنني أؤكد على وصفهم بالخيانة للشعوب والأوطان ومعاداة الإنسانية.. متحف آيا صوفيا لن يزيد المساجد في إسطنبول مسجدًا، ولكنه سوف يزيد النار تحت أقدام حكام تركيا المنكوبة.

ثم تعالوا هنا أيها الذين ذابوا من الورع المتأسلم.. ألم نعش حياتنا كلها ونحن حافظون لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأرض مسجدي..الأرض مسجدي تعني أنه على ناصية غيط أو شاطئ بحر أو داخل سوق كلها أرض تصلح للصلاة فلماذا هذا التكالب على صناعة الخصومة وتأسيس العداوة.. أهي شهوة الدماء والاغتصاب أم هو الجهل والخيانة في أبهى صورة.