الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"حسم" رسالة جديدة عن حالة حرب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تمثل مناورات "حسم 2020" التي أجرتها وحدات من القوات المسلحة بمشاركة الأفرع الرئيسية، من قوات جوية وبرية، ودفاع جوي، واحدة من مجموعة مناورات تجريها مصر، بدأت بالمناورة التي حضرها الرئيس عبد الفتاح السيسي في 20 يونيو الماضي، لتتوالي بعدها مناورات مختلفة، من بينها مناورة الخميس 9 يوليو الحالي وما تالاها، والتي تمثل رسائل مصرية قوية لهذا الجالس في قصره بأنقره، ويعيش أوهامًا.
بإختصار، المناورة والتى استمرت لعدة أيام واضحة المعالم فهي في إطار خطة التدريب القتالى لتشكيلات ووحدات القوات المسلحة، وتؤكد مدى جاهزية القوات المسلحة لتأمين الحدود، وتعكس قدرتها على تنفيذ أي مهام تُسند لها بكفاءة قتالية عالية، خصوصا أن من مضامينها الإغارة والتدمير لنقاط تمركز معادية، في رسالة تأكيد قوية لقدرة الجيش المصري على عمليات الردع لكل من تسولت نفسه أن يعتدي على مصر وسيادتها، أو يفكر في المساس بأمنها الوطني، وعمقها الإستراتيجي في أي من الاتجاهات، خصوصا الجانب الغربي مع ليبيا، بل ما يمس ليبيا ذاتها.
ولابد من قراءة دقيقة لجزء من تفاصيل المناورة، حيث شملت في مرحلتها الرئيسية قيام طائرات متعددة المهام بتأمين أعمال قتال القوات وتقديم المعاونة الجوية بغرض القضاء على عناصر المرتزقة من الجيوش غير النظامية، وتنفيذ رماية لإستهداف مناطق تجمع تلك العناصر ومراكز القيادة ومناطق التكديسات والدعم اللوجيستية، وقيام عدد من الطائرات الهليكوبتر بإبرار سريّة صاعقة لتنفيذ إغارة على مركز قيادة مكتشف لعناصر المرتزقة وتدميره.
هذه التعبيرات العسكرية الدقيقة، تدفعنا لوصف المناورة أنها "حالة حرب"، وتؤكد مصر من خلالها أنها مستعدة لها في اللحظة المناسبة، وبالقوة والقدرة التي تمكنها من دحر كل معتدٍ، على الأراضي المصرية، وأشقائها، وإظهار الوجه الحقيقي لجيش مصر القادر على حماية كل حدوده في وقت واحد، والوصول إلى أقصى عمق وكل نقطة تمثل تهديدا لأمنها ولكل ما يمثل جانبا إستراتيجيا لمصر.
المؤكد أن مصر لا تستعرض قواها بمثل هذه المناورات، فهي دولة سلام، وتصالحت مع أكبر أعدائها في اتفاقية سلام، نتفق أو نختلف عليها، إلا أنها تأكيد على منهج مصر السلمي، ولكن هذه المناورات، تأكيد للعالم، ولكل من يفكر المساس بأمن الوطن أن قواته المسلحة، بمختلف عناصرها، تملك من القوة الجبارة على حماية وطن، بل أوطان، وحقوق شعوب.
وما يدعيه البعض أن مصر تهدد، فهذا ليس في منطق السياسات والإستراتيجيات المصرية، بل جيشها هو جيش حماية ودفاع، وحرب إذا أراد طرف أخر، أو فكر في مجرد أن ينال من حقوق وطنه وشعبه، وإعمال الرسالة التي أوكلها له الشعب المصري، وأقسم عليها كل فرد فيه، عندما يضع قدمه للوهلة الأولى في الخدمة به.
والإختيار الدقيق للموقع الجغرافي للمناورة "حسم 2020"، يؤكد مسألة مهمة، عن عمق الرؤية العروبية لمصر، تجاه الشقيقة ليبيا، والارتباط الوثيق والمشترك، بين كل من الأمن القوي المصري، ونظيره الليبي، وهذا الرابط القوي، لتاريخ وجغرفيا لن يستطيع أي أحد يمسهما، أو يغير في ملامحهما، فزمن الاحتلال والإستعمار ولىَّ، كما ولىّ حُلم هذا السلطان الطامع في الأراضي الليبية، وواضح أنه لم يتعلم الدرس بعد!.
ونؤكد مجددا على أن هناك مصير مشترك بين مصر وليبيا، وقد فشل كل مستعمر، وكل الأنظمة في تغييره قدر أُنملة، والذي يزور مناطق الحدود المصرية، يدرك هذا الترابط المصيري، بين شعب مصر وأهل حدودها أكثر تحديدًا، والذي لم تستطع قدرات الأعداء والمستعمرين، بل والسياسة التغيير والمساس به، وهو ما تؤمن به الدولة المصرية وجيشها على مر التاريخ.
ونأتي هنا على تسمية المناروة بـ"حسم"، وأعتقد أن الإختيار مقصود معنى وفعل، ليدركه القاصي، والداني، والتي تعني تأكيدًا، قدرات الجيش المصري بشأن الحسم وسرعة إنجاز المهام وحسمها لصالحه، وكسر شوكة أي معتدٍ، ودحره، بل تصفيته، ليصبح لا شيء، بغض النظر عن كونه كان جيشًا نظاميًا معتدٍ، أو مرتزقة من مجموعات غير نظامية مدعومة من دول.
وأكثر من نحدده في مناورات "حسم 2020"، والتي ستتكامل بمناورات بحرية مهمة، تمثل قدرات الردع التي يمتلكها جيش مصر بمختلف أفرعه وقواته، وفرقه، والذي لا يتوقف عن حدود منظومته العسكرية فقط، بل يتعداها إلى ما هو أكثر وأعمق، وهو جيش يمتد لشعب قادر على أن يشارك قواته في الدفاع عن أمن أوطانه.