الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

البرلمان المصري في يومه الدولي.. رؤية جديدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في الثلاثين من يونيو من كل عام يحتفل العالم باليوم الدولى للعمل البرلمانى، والذى اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها 278/72 في مايو عام 2018، إيمانا بالدور الذي يضطلع به البرلمانيون في الخطط والاستراتيجيات الوطنية، كما عبر عن ذلك الأمين العام للأمم المتحدة في رسالته للاحتفال بهذا اليوم الذى اعتبره فرصة مهمة للتنويه بالدور المحوري للبرلمانات في إعطاء الناس الحيز الملائم للتعبير عن آرائهم والنفوذ اللازم لتشكيل السياسات العامة وذلك على حد قوله. 
والحقيقة أن الدولة المصرية في هذا العام تشهد بداية انطلاقة جديدة للعمل البرلمانى في ضوء التعديلات الدستورية التى جرت عام 2018 وتم بمقتضاها عودة الغرفة الثانية للبرلمان المصرى تحت مسمى مجلس الشيوخ، إذ كما هو معلوم سابقا أن البرلمان المصرى منذ دستور 1923 والذى يعد واحدا من الدساتير الأكثر تعبيرا عن تطلعات الشعب المصرى، بما تضمنه من نصوص ومواد وضعت لبنات الحياة الديمقراطية التى حلم بها آباؤنا آنذاك، كان البرلمان يتكون من غرفتين (مجلس النواب ومجلس الشيوخ)، واستمر العمل بهذين المجلسين حتى ثورة يوليو 1952 التى حققت الاستقلال المنشود وتطلبت ظروف بناء الدولة الجديدة تغييرات جوهرية في بنية النظام آنذاك، حيث تعطلت الحياة البرلمانية حتى منتصف الستينات ثم عادت بغرفة واحدة (مجلس الأمة) وظل الأمر كذلك حتى عام 1981 حينما أعاد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات تأسيس الغرفة الثانية تحت مسمى مجلس الشورى واستمر العمل به حتى تعديلات دستور 2014، إذ تطلب بناء الدولة ما بعد حكم الجماعة الإرهابية التركيز في جعل البرلمان غرفة واحدة تحت مسمى مجلس النواب والذى ساهم بلا شك في ترسيخ أسس بناء الدولة العصرية.
ومع استكمال اللبنات الأولى لهذا البناء تطلب الأمر توسيع دور البرلمان في الحياة السياسية وهو ما يزيد من عبء المسئولية على الغرفة الواحدة. 
ولذا، فقد تطلب الأمر وجود غرفة ثانية تسهم في إعداد الدراسات والتقارير المتعلقة بكثير من قضايانا المحلية والإقليمية والدولية، فجاءت التعديلات الدستورية بإنشاء مجلس الشيوخ كبيت خبرة برلمانية يقدم دراساته وتقاريره التى تجمع بين المهنية والخبرة العملية والرؤية السياسية. 
واليوم، يحتفل البرلمان المصرى باليوم العالمى للعمل البرلمانى برؤية جديدة لهذا العمل، رؤية تجمع بين أدوار عديدة للبرلمان، ما بين دور تشريعى من خلال إقرار التشريعات والقوانين والاتفاقيات الدولية، ودور رقابى من خلال تفعيل الأدوات الرقابية بدءا من طلب الإحاطة والبيان العاجل مرورا بالسؤال ولجان تقصى الحقائق وصولا إلى الاستجواب ما قد يترتب عليه من سحب الثقة من الوزراء والمسئولين، فضلا عن دور سياسى مهم في تعزيز دور الدولة المصرية خارجيا من خلال الدبلوماسية البرلمانية. ويأتى مجلس الشيوخ ليضيف دورا مهما للبرلمان يتمثل في إعداد الدراسات والتقارير سواء تلك المتعلقة بالموضوعات المتصلة بالسياسة العامة للدولة وبسياستها عربيا وخارجيا، أو تلك المتعلقة بمشروعات الخطة الاقتصادية والاجتماعية أو بالقوانين المكملة للدستور أو باقتراحات بتعديل مواد الدستور أو تلك المتعلقة بمعاهدات الصلح والتحالف أو بحقوق السيادة. 
وغنى عن البيان أن الدور المطلوب من مجلس الشيوخ في هذه المرحلة يستوجب أن تتوافر سمات خاصة في تشكيلة أعضاء المجلس البالغ عددهم ثلاثمائة عضو سواء المنتخبين وهم ثلثى المجلس أو المعينين الذين يختارهم الرئيس عبد الفتاح السيسي وهم ثلث المجلس، بما يضمن أن يقوم المجلس بدوره على الوجه المأمول طبقا للاختصاصات والسلطات الممنوحة له دستوريا وقانونيا، وذلك مع بدء انطلاق قطار الانتخابات لاختيار اعضاؤه في أغسطس وسبتمبر القادمين. 
نهاية القول إن إقدام الأمم المتحدة مؤخرا على تخصيص يوما عالميا للاحتفال بالعمل البرلمانى يعكس مدى الأهمية التى توليها المنظمة الدولية للبرلمان في دعمه لسياسات دولته وتعزيزه لخططها التنموية داخليا وخارجيا، وهو ما يؤكد على أهمية أن يتشكل البرلمان المصرى القادم (بغرفتيه) من أعضاء قادرين على التفاعل مع تحديات الحاضر برؤى غير تقليدية، وكذلك قراءة متطلبات المستقبل بصورة غير نمطية.