الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

ماتت ملكة الذوق والشياكة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم تكن الفنانة الراحلة رجاء الجداوي التي توفيت أمس الأول بعد وجودها في العزل لمدة ٤٣ يوما، مجرد فنانة وممثلة كبيرة فقط، بل كانت نموذجا للرقي في التعامل مع كل الناس والشياكة في تقديم كل أعمالها عبر الشاشات وعلى خشبة المسرح والتي أمتعت الجماهير المحبة لأعمالها بشكل كبير منذ أن حصلت على جائزة ملكة جمال القطر العربي وأفضل عارضة أزياء في السنوات الأولى من حياتها الفنية، وهي ابنة مدارس الفرنسيسكان العريقة بالإسماعيلية وهي التي لديها حس وذوق رفيع يجعل أي فستان ترتديه كعارضة للرقي بيوت الأزياء في الوطن العربي يخفق ويجذب كل الجماهير وينطق باسمها ويعلن عن تواجده وهي ترتديه من جماله ورونقه، فقد كانت ملكة متوجة على عرش الأزياء وأفضل موديل في الوطن العربي بأسره.. وشاركت في أعمال فنية وسينمائية ومسلسلات ومسرحيات كثيرة أمتعت الجماهير بأدائها العالي والراقي خاصة في دور سيدة المجتمع الأستقراطي، وكان تكريمها الأخير من قبل الرئيس السيسي في عام ٢٠١٨ في الاحتفال بأطفال ذوي القدرات الخاصة حينما قال لها: "أنا بشكرك جدا وربنا يديكي الصحة ويكرمك.. وهتفضلي طول عمرك شيك جدا .. اوعي تفتكري شيك علي اللبس بس.. لا والله.. شيك في كل حاجة" فردت عليه الفنانة رجاء والدموع في عينيها قائلة: "أنا أخذت أعلى وسام النهارده.. متشكرة جدا يا فندم".
كانت الفنانة رجاء الجداوي ملكة جمال مصر عام ١٩٥٨ وقدمت أهم الأفلام في تاريخ السينما المصرية وكلنا نتذكر فيلم إشاعة حب وموقفها الشهير مع الفنان عمر الشريف وهما يرقصان معا وتسبب عدم معرفته بالرقص في أن تسقط رجاء على الأرض فتقول له: "ما دام يا أخي مبتعرفش ترقص بترقص ليه"!
وهناك العديد والعديد من العبارات التي اشتهرت بها الفنانة رجاء التي مثل وجودها حالة فنية رائعة لا يمكن تعويضها، ولا ننسى قبل وفاتها بشهور أن قامت الميليشيات الإلكترونية الإخوانية بإطلاق شائعة وفاتها أكثر من مرة حتى دخلت إلى العزل وأصيبت بعد وجودها بفترة بمضاعفات كورونا ثم رحلت في هدوء تام وكان خبر رحيلها بمثابة حالة من الحزن الكبير لجماهير الفن والعاملين في المهن التمثيلية وصناع الدراما والسينما لفقد ممثلة عزيزة وغالية وفنانة ذواقة وصاحبة أشيك طلة في السينما العربية.
رجاء الجداوي.. لست ممن يكتبون في الفن ولست ناقدا فنيا أو أكتب في النقد وهذا له أصحابه ولكني وجدت أنه لزاما عليّ أن أكتب في حق فنانة لم أسمع منها لفظا خارجا أو فضيحة مدوية في الوسط الإعلامي والسينمائي ولا في المحاكم التي تعج بقضايا الفنانين والمنتجين وكانت تتعامل مع الجميع دون صخب وقد كان لي الحظ أن أتحدث معها منذ أكثر من عقدين من الزمن عندما كنت صحفيا صغيرا يجري حوارات مع الفنانين وأجريت معها حوارا لصحيفة الحياة اللندنية والسعودية وكانت متواضعة ورقيقة وبسيطة تجعلك لا تهاب موقف إجراء حوار مع فنانة كبيرة بحجمها.. وكان متعارفا عنها أنها تحب الجميع ولم يكن في قلبها مكان إلا للحب والحنان فقط مثلما يحبها الجميع.. رحمها الله وأسكنها فسيح جناته.