السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن السيسي والعيد السابع لثورة المصريين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لم يرتبط اسم "عبدالفتاح السيسي" بثورة 30 يونيو فقط لكونه القائد العام للقوات المسلحة، التى استجابت لإرادة ملايين المصريين في الثلاثين من يونيو، وتدخلت لمساندة تلك الإرادة وحمايتها من بطش وإرهاب جماعة الإخوان وميليشياتها، وإنما أيضًا لأنه ذلك القائد الذى شعر المصريون أنه حفيد أجدادهم الفراعنة العظام، فقد أدرك منذ اللحظة الأولى أن الثلاثين من يونيو ثورة ضد محتل أراد تغيير هوية الوطن وليس فقط احتلال أرضه.
وما يجعل ارتباط اسم السيسي بهذه الثورة وثيقًا، أنه جعل منها نقطة بداية للثورة على كل ما شوه الشخصية المصرية طوال العقود الماضية وكان سببًا في إضعاف الدولة والتأثير على قدرتها الشاملة.
محاربة الإرهاب وملاحقة فلوله في سيناء وعلى الحدود الغربية وكافة المحاور الاستراتيجية كانت الوظيفة التقليدية كوزير للدفاع ثم كقائد أعلى للقوات المسلحة عندما أصبح رئيسًا لمصر؛ لكن نجاحه في أداء هذه الوظيفة كان يتطلب منه القيام بأدوار أكبر وأشمل من شأنها أن تجعل 30 من يونيو ثورة شاملة لبناء دولة مدنية حديثة قوية ومعاصرة تتمتع بكل مقومات القدرة والقوة الشاملة.
أدوار كان لا بد من القيام بها بشكل متوازٍ أى في آن واحد، بناء جيش قوى وتسليحه بأحدث وأقوى الأسلحة من مصادر مختلفة على نحو يضمن ويحفظ استقلال القرار الوطنى سياسيًا وعسكريًا، إلى جانب ذلك إعلان ثورة اقتصادية جديدة من شأنها إعادة هيكلة بنية الاقتصاد المصرى وإقامته على قواعد وأسس حديثة تمكنه من الاستمرار قويًا وقادرًا على تحقيق معدلات نمو وسط أصعب الظروف، فكان برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى جاء تحت عنوان تحرير سعر الصرف أو ما عرف بتعويم الجنيه ومن ثم تحرير أسعار الكثير من السلع وفى مقدمتها الطاقة وهو ما مكن الدولة من مواجهة جائحة كورونا وتقليل حجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عنها، بل والقدرة على تحقيق معدل نمو 4% على عكس العديد من الدول بما فيها دول غربية كبرى سجلت معدلات نمو بالسالب طبقًا لتقارير دولية.
الإصلاح الاقتصادى لم يعالج تشوهات الاقتصاد المصرى فقط وإنما عالج الكثير من التشوهات في الشخصية المصرية بدءا من أنماط الاستهلاك غير المرشد وصولًا إلى ثقافة الاتكالية على الحكومة في كل شيء، والحصول على كل ما تقدمه من أشكال للدعم كحق مكتسب حتى لو كان المستفيد من أثرياء القوم.
الثورة على الخطاب الدينى الحالى والذى كان سببًا في رواج فكر جماعات الإرهاب والتكفير والمفاهيم المعادية للدولة الوطنية الحديثة ومصطلح المواطنة كانت ثورة أخرى قادها ولا يزال الرئيس عبدالفتاح السيسي يخوض غمارها لإدراكه أن أى إصلاح وتطوير قد يفقد معناه إذا لم تواكبه ثورة تستهدف تنوير العقل وتنقيته من شوائب الفكر الدينى القديم.
الثورة على الفساد كانت أيضًا أحد امتدادات يوم 30 يونيو 2013 غير أن عبدالفتاح السيسي لم يجعلها مقصورة على ما تبذله أجهزة الرقابة الإدارية ومكافحة الفساد من جهود لكشف كبار الفاسدين من وزراء ومسئولين فقد ذهب بها إلى ما هو أبعد من ذلك بمكاشفة المواطنين بأنهم قد يشاركون في الفساد بسبب بعض القيم والمفاهيم السيئة التى شاعت وربما ترسخت كثقافة خلال العقود الماضية، فأصبح المواطن يفسد بالاعتداء على أملاك الدولة، أو تبوير الأراضى الزراعية، أو البناء على ارتفاعات كبيرة لا تتناسب مع حجم الحى أو المنطقة أو الشارع ودون مراعاة لأى معايير تخص السلامة العامة والنظر فقط إلى المصلحة الشخصية، دون أن يجد خطابًا دينيًا أو ثقافيًا أو أخلاقيًا يردعه عن تلك الممارسات.
الرئيس في كل خطبه ينبه إلى هذه المسألة وكان آخرها أثناء افتتاحه عددا من المشروعات القومية مطلع هذا الأسبوع وقال بالحرف الواحد: "سنمضى سويًا لقد قلتم لى أنكم تدعمونى وتساندونى لمحاربة الفساد لذلك سأمضى معكم ولن أسمح بأن تعود الفوضى مرة أخرى سأهدم كل ما هو مخالف".
صحيح أن هذا العمل إداري بامتياز لكن الرئيس يتحدث عنه من مدخل أخلاقى محض وهو ذات المدخل والأساس الذى قامت عليه الثورة على العشوائيات، فكانت الأسمرات وغيط العنب وغيرها من المشروعات التى نقلت آلاف المصريين من عشش الصفيح إلى منازل آدمية بعد أن كانت أعيننا قد اعتادت رؤية نساء وأطفال وشيوخ يعيشون مع الحيوانات الضالة في أكواخ لا تناسب تلك الحيوانات.
اختفت تلك المشاهد تمامًا والأهم أن أعيننا سترفض رؤيتها مجددًا رغم أننا كنا في الماضى نتسامح مع وجودها.
ما فعله عبدالفتاح السيسي في السنوات السبع الماضية منذ أن كان وزيرًا للدفاع كانت محصلته امتلاكنا كل عوامل ومقومات القدرة والقوة الشاملة بحسب تعبيره هو في إشارة منه للتحديات التى نواجهها سواء في ليبيا أو جنوبًا في سد النهضة عندما قال "نملك القدرة الشاملة ومع ذلك فإننا نجنح للسلم"، القدرة الشاملة التى أوقفت الجميع عند الخط الأحمر الذى رسمه في ليبيا لحدود الأمن القومى المصرى وألزمت إثيوبيا بعدم اتخاذ أى اجراء أحادى لملء سد النهضة قبل التوصل لاتفاق، وتجسدت بوضوح في كلمات وزير الخارجية سامح شكرى أثناء اجتماع مجلس الأمن لمناقشة أزمة سد النهضة.
الرئيس قال إن ثورة الثلاثين من يونيو لم تكن مجرد ثورة على نظام قرر المصريون تغييره وإنما ثورة لاستعادة الهوية المصرية وهو ما حرص على العمل من أجله طوال السنوات الماضية حتى نصل إلى النقطة التى نحن عندها ولا يزال أمام السيسي الكثير خاصة في ثورته على الخطاب الدينى القديم والتى ستكون حاسمة ومفصلية في مواجهة كل الأفكار المعادية لمفهوم الدولة الوطنية الحديثة وفى الإطاحة بما يسمى بمشروع الإسلام السياسى الذى كان العدو الأول الواضح أمام ملايين المصريين عندما قاموا بثورتهم في الثلاثين من يونيو 2013.