في مساء ليلة ٣ / ٧ / ٢٠١٣ كُنا ننتظر بِشغف شديد، دقات قلوبنا تزداد، رفعنا أيدينا للسماء ودعونا الله عز وجل أن يُنجينا وينجِدنا من بين أسنان أهل الشر، كانوا يُقطعون البلد إربًا إربًا بسكينة مُرشد الإخوان، كانوا ينزعون كل يوم طوبة من جدار الوطن الراسخ منذ سنوات ليهدموه ويُسوونه بالأرض، وعلى ما يبدو أن الهدم كان مُهِمتهُم المُكلفين بها، لم يكن على ألسنتهم سوى كلمات استخدموها وسخروها لصالحهم لإرباك الدولة ونشر الترويع وخلق فزاعات جديدة وقضايا فقهية جرجرونا إليها ولم نكُن نتجادل حولها من قبل أو حتى نُفكر فيها مثل "حتمية تفجير المسلم لنفسه بأمر الجماعة فقط".
وفى تمام الساعة التاسعة خرج علينا الفريق السيسي وزير الدفاع وحوله مجموعة من مُمثلى الشعب المصرى بداية من شيخ الأزهر الإمام الدكتور أحمد الطيب وقداسة البابا تواضروس ومحمد البرادعى وجلال مُرة وسكينة فؤاد ومحمود بدر ومحمد عبدالعزيز ورئيس المجلس الأعلى للقضاء والفريق صدقى صبحى رئيس أركان حرب القوات المسلحة واللواء محمد العصار والفريق يونس المصرى قائد القوات الجوية والفريق أسامة الجندى قائد القوات البحرية والفريق عبدالمنعم التراس قائد قوات الدفاع الجوى، وحينما بدأ الفريق السيسي إلقاء البيان وقال: بسم الله الرحمن الرحيم، شعب مصر العظيم، إن القوات المسلحة لم يكُن في مقدورها أن تصُم آذانها أو تغُض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب المصرى.. شعرنا جميعًا بطاقة نور آتية لإنقاذ الوطن، تنفسنا الصعداء في انتظار باقى كلمات رجُل تبدو عليه علامات الزعامة لما له من صفات خاصة تُتيح له القيادة الحكيمة في الأوقات الصعبة.. وحينما قال الفريق السيسي: تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت، عمت السعادة والفرحة علينا، كِدِنا نموت من الفرح، بكينا من الفرح بدموع غالية، إنتفضنا وكأننا ننثُر التراب والغبار الذى غطى ملامح الوطن، طوينا صفحة من أسوأ صفحات حياتنا، عادت مصر لنا كما كانت لنا من قبل، عادت الابتسامة تعلو وجوهنا، نسينا أننا كُنا غُرباء عن الوطن رغم أننا كُنا نعيش على أرضه.
كان عامًا أسودا، فلم تكن مصر هى مصر، ولم يكن الهواء هو هواء مصر، كانت مصر مُختلفة عن مصر التى نعرِفها، في إحدى المرات كنت مُسافرًا لإحدى الدول العربية الشقيقة وفى مطار القاهرة وجدت شخصيات غريبة ووجوه غريبة وكأننا في جبال تورا بورا تملأ ساحات المطار وحينما سألت عنهم كان الرد: هؤلاء مُجاهدون إسلاميون جاءوا لمصر بدعوة رسمية من مؤسسة الرئاسة.
الحمد لله، فقد انزاحت الغُمة، وكان اختبارًا صعبًا لقياس مدى تلاحُم ووحدة وتماسُك الشعب المصرى، اختبار نجحنا فيه بجدارة بِفضل وعى المصريين وخوفهم على بلدهم وأمانة الأزهر والكنيسة والقضاء والشباب وبِفضل شرف القوات المسلحة وتحمُلها لمسئولياتها الوطنية أمام الشعب والتاريخ.. أغلقنا صفحة العام البغيض ونزعنا السُلطة من يد الجماعة الخائنة وأجهضنا مؤامرة مُحكمة التجهيز كان تنفيذها يتم بكل حرفية، لم نكُن نُصدِق أن يأتى علينا اليوم الذى يحكُمنا فيه (مُرشد الإخوان) الذى يُنفِذ تعليمات التنظيم الدولى ويتحكم فيه (أردوغان).
أشرقت علينا شمس جديدة، صحيح، "مصر" عادت شمسك الذهب، مصر عادت لشعبها الطيب، مصر عادت مُتألمة مجروحة مما حدث لها، مصر عادت مريضة من كثرة ما مرت به وما تحملتُه من ضربات، لكن كُله يهون، فالآلام والجروح ستندمِل وستعود مصر عافية مُتعافية، هذا وعدُنا لها.
وبالفعل، مصر التى عادت شمسها وتحتفل هذه الأيام بذكرى الثورة العظيمة في ٣٠ يونيو وبيان (٣ / ٧)، ما أحلى هذه الذكرى وما أجمل أن نرى وطننا مُتعافيًا قادرًا على التحدى ومُحققًا لإنجازات يستحقها الشعب الأصيل الذى يضع وطنه في نينى عينيه.