السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تجريف الأفكار وتصحيح المسار

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لعل من أسباب الرجعية في حياة البعض أن ينتظروا ما يفعله الآخرون لهم دون أن يتحركوا من أجل أن يكونوا قادرين على الإبداع والتفوق والريادة!
فتظل مياههم الراكدة مرتعا خصبا للجراثيم والأمراض القاتلة؛ وتظل عقولهم هدفا للأفكار المتشددة المغرضة؛ تتسلل نحو العدوانية وتصبح فتيلا يهدد بالانفجار كلما سمحت لهم الظروف بذلك!
وهؤلاء بهذه الكيفية؛يحتاجون إلى إعادة النظر؛وتصحيح المسار نحو الطريق الصحيح.
لا سيما وأنه قد نجحت مؤخرا الجماعات المتأسلمة في استقطاب الشباب المغيب من داخل بعض الزوايا المشبوهة؛وصفحات التواصل الاجتماعي؛هذا إلى جانب أياديها الخفية داخل الحقل التعليمي؛و الحرم الجامعي!
ومرد ذلك كله راجع لأسباب لعل من أهمها:
١تراجع الدور الكبير للأسرة رقابة وتقويما.
٢تراجع دور الخطاب الديني وافتقاره إلى أرض الواقع الملامس لقضايا الشباب الباحث عن الحقيقه لا سيما في طور التكوين الفكري والوجداني.
٣تراجع دور المراكز التعليمية والثقافية التوعوية وانتشار ظاهرة كتب الرصيف القائمة على التكفير واتهام الناس في عقائدهم.
٤قدوم أشرطة الكاسيت قبل عالم الانترنت في أوئل فترة التسعينات بلكنة خطابها الديني المتشدد؛ والعزف على أوتار المشاعر بزعم الدفاع عن الاسلام بأصوات طالما دعت للانطوائية؛واختزال التدين في الظاهر قبل الباطن؛وما زال صداها يبث سمومه بين ربوع المجتمع!
وبذلك تسعى تلك الجماعات التكفيرية وتلعب دورا كبيرا في تهديد السلم المجتمعي بخطف شبابه نحو المجهول وطريق اللاعودة!
الأمر جد خطير؛ويحتاج إلى وقفة جادة إن كنا بالفعل نريد إنقاذ ما تبقى من رمق للوسطية الفكرية بكامل معانيها.
وذلك كله لن يتحقق إلا من خلال رؤية واضحة تستطيع أن تتغلب وتنتصر ميدانيا في صفوف الشباب في الريف والحضر.
ها وقد بات ضروريا؛استنفار ولاية الدولة الرقابية نحو إعادة هيكلة ما يطبع وما يباع من كتب عبر دور النشر وأرصفة التوزيع؛وا ستنهاض ولاية المراكز الثقافية المعتمدة لفرض السيطرة التامة هنا وهناك.
والواقع؛ فإن نمو ظاهرة التطرف الفكري لدى الأفراد يعود بصورة أساسية إلى ثقافة الأنا وإقصاء الآخر، وغالباً ما تجد هذه الظاهرة جذورها الأكثر عمقاً في التنشئة الأولى البعيدة عن حب الآخرين والإصغاء لما يقولون، وهو ما يترتب عليه آثار مدمرة للأمن الوطني والفكري والسياسي والاقتصادي والمجتمعي، ولعل من أخطر آثار الفكر المتطرف السقوط في هاوية تكفير الآخرين واستباحة دمائهم وأموالهم.
ولنعلم أن حربنا مع الإرهاب الغاشم حربا فكرية إلى جانب كونها حربا أمنية عسكرية بحته.
كثيرون يعيشون بيننا ولم نراهم يوما حاملين سلاحا؛أو حزاما ناسفا في وجوهنا؛ولكننا نرى منهم أفكارا سامة لا تقل خطرا عمن يحملون السلاح علينا؛ويخرجون على قتالنا؛وهذا في حد ذاته خطرا كبيرا لا يقل فتكا عمن تلوثت أياديهم بدماء الأبرياء من شهداء هذا الوطن الأوفياء.
مواجهة الفكر تكون بالفكر؛والحرب هنا هي أحد فصول حروب الجيل الرابع.
فلم تَعُد الحروب الآن مقصورةً على استخدام الأسلحة؛والمعدات العسكرية وحدها؛كما كانت في السابق، بل أخذت أشكالًا جديدة، واستحدثت وسائل وأساليب أخرى؛ لتحُل محل الحروب التقليدية بين الجيوش المختلفة، وذلك تزامنًا مع التطور التكنولوجي المستمر خاصةً في مجال الاتصالات والمعلومات.
وبحسب موقع المرجع جاءت الدراسة الاستشرافيه حول الاسلام الحركي لتوضح لنا أن العلاقة بين التطرف الفكري وبين الإرهاب علاقة شائكة، إذ أن التطرف يقف بمعزل عن الاثنين، ولكن عندما يرتبط التطرف بالفكر، وتصبح معتقدات الفرد متطرفة وبعيدة عن المعقول، يسعى إلى تطوير هذا الفكر إلى فعل وإيجاد موطئ قدم له على أرض الواقع، وهو ما يؤدي لحدوث العمليات الإرهابية، لذا فالتطرف الفكري هو الشرارة الأولى التي تشعل فتيل العنف والإرهاب، خصوصًا إذا أخرج الفكرة من دائرة العقل إلى أرض الواقع، ما يحوله إلى أنماط عنيفة من السلوك، ويظهر ذلك في الاعتداء على الأفراد والحريات والممتلكات وغيرها، بهدف نشر وتعميم فكر واحد يؤمن به الفرد.
ولا شك فإن بروز هذا الأمر، ساهم في تعزيز دور وسائل الإعلام، خصوصًا مع التحولات التي شهدها الفكر الاتصالي مع التطورات التكنولوجية، إذ لم تعد المعلومة وصناعة الخبر أمرا محصورا ومحتكرا على فئة أو جماعة بعينها، ولكن مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، أصبح كل فرد قادر على أن يصبح صحفيًا مستقلًا، وهو ما سمح للتنظيمات المتطرفة باستخدام ذلك لبث الدعاية الإرهابية، ونشر خطاب الكراهية عبر الإنترنت عن طريق بث أخبار غير صحيحة ومشكوك في مصداقيتها، بهدف نشرها بين المواطنين وإثارتهم ضد أنظمتهم ودولهم، وهو ما يسمح لهم بالتوغل والانتشار داخل هذه الدول، كما حدث في العراق وسوريا واليمن وغيرها.
وهذا بدوره يستدعى حالة النفير العام من كتائب مثقفي الوطن؛وقواه الناعمة عبر وسائل الإعلام بكافة أنواعها؛ وصفحات التواصل الاجتماعي "السوشيال ميديا".
وميدانيا بكلمة حق لوجه الله تعالى دفاعا ونصرة لهذا الوطن الكبير الذي مازال يصارع وينتصر؛في ظل متغيرات وتحديات إقليمية ودولية.
إنها معركة السيطرة على العقول والخداع النفسي وسيكون البقاء فيها للأقوى فكريا وسياسيا قبل عسكريا.
وربما يمكن السر في تحول قانون البقاء للأقوى"Stay stronger"إلى الحل الوحيد للحفاظ على الجاهزية الفكرية المكتملة إلى جوار الجاهزية القتالية العالية فخارطة العالم تتغير وتأخذ منعطفا ومسارا جديدا.
أفيقوا يا سادة: فالتاريخ لا يرحم

khaledalshnawy@yahoo.com