السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ثقافة

الكاتب الجزائري عبدالرزاق بوكبّة ينشر يومياته في زمن كورونا

صدر عن دار خطوط في الأردن..

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ما بين عامي 2015 و2020، عوّد الشاعر والسارد والإعلامي الجزائري عبد الرزاق بوكبّة "1977"، متابعيه في مواقع التواصل الاجتماعي على كتابة يومياته الرمضانية مع بناته اللواتي كن ثلاثا ثم صرن أربعا، وقد أصدر المواسم الثلاثة الأولى في كتاب حمل عنوان "يدان لثلاث بنات" عن دار "الجزائر تقرأ". 
واظب "بوكبّة" على الاستثمار أدبيًا وجماليًا في يومياته، فأدخل قراءة الافتراضيين في سلسلة أخرى، لمواكبة تجربة الحراك الشعبي والسلمي الذي انطلق في الجزائر يوم 22 فبراير من عام 2019، ثم جمعها في كتاب كان ضمن طليعة الكتب التي تناولت الحراك الجزائري تحت مسمى "رماد يذروه السكون" عن دار "ضمّة" في الجزائر. 
وفي نفس سياق "أدب البيت" الذي يبدو أن عبد الرزاق بوكبة يؤسس له بشغف ووعي خاصين، انخرط في كتابة يومياته في ظلّ الحجر المنزلي الذي فرضه فيروس كورونا المستجد على الجزائريين والعالم كله، فكنا نقرأ يوميا على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حالات إنسانية عميقة مشفوعة بتأملات حضارية واقتصادية وسياسية وثقافية قرأ من خلالها هذا الكاتب المتأمل الزمن الجزائري ما قبل وأثناء وما بعد الوباء. 
ذلك أن الوباء، بحسب صاحب كتاب "مسافر في البيت: يوميات أب في زمن كورونا" الصادر هذه الأيام عن دار "خطوط" الأردنية، ليس مجرد فيروس عابر في الزمان والمكان فقط، بل هو أيضًا ظاهرة خلخلت وستخلخل كثيرا من البنى السياسية والاقتصادية والمجتمعية، لتحل محلها بنى جديدة بما يمنحنا الحق في التأريخ للعالم مستقبلا بما قبل وما بعد كورونا، تماما كما صار يُؤرّخ له بما قبل وما بعد الحربين العالميتين، في النصف الأول من القرن العشرين. 
يتساءل "بوكبّة" في أحد فصول الكتاب: "كيف أجعل بناتي يفهمن أنّ كورونا حقيقة، وعليهنّ أن يتعاملن معها بجدّية، من غير إيقاعهنّ في الرّعب؟.. لقد علّمتني عشر سنوات من الأبوّة أن أكون ذكيًّا في جعلهنّ متوازناتٍ في نفسياتهنّ وذهنياتهنّ وسلوكهنّ. وكنتُ أقول لنفسي: ما جدوى أن أدّعي كوني كاتبًا وناشطًا ثقافيًّا ومواطنًا صالحًاإذا لم أزرع قيمة التّوازن في شخصيّات بناتي؟".
ونجد تجلّيات هذه الفلسفة على مدى الصفحات الستّ والتّسعين المشكّلة للكتاب الذي يعدّ الرابع عشر في رصيد الكاتب. بما يجعله يتجاوز كونه وثيقة أدبية وجمالية، إلى كونه أيضا وثيقة تربوية تملك القدرة الفائقة على أن تفيد الآباء والأمهات والمربين والمشتغلين في عوالم الطفولة. كما تحيل علماء نفس الطفل على كثير من القضايا التي أثمرتها التحولات المختلفة التي طرأت في السنوات الأخيرة بسبب دخول الوسائط الجديدة إلى حياة طفل العالم الثالث. 
يقول "بوكبة" في هذا الباب: "ركزنا على كيفيات تعامل الحكومات مع فيروس كورونا، ولم نلتفت إلى كيفيات تعامل البيوت معه، رغم أنه أحالها على نمط جديد عليها من المعيشة والتصرف. وفرض عليها نفسيات وذهنيات مختلفة عمّا كانت عليه في السابق. أما على مستوى العواطف خوفا وحذرا وتطلعا وترقبا وحزنا وانعزالا، فقد كانت فترة الحجر المنزلي حقلا خصبا لها، بما يجعلها مادة للتأمل فيها والكتابة عنها". 
من هنا، كانت الأسئلة مزروعة بكثرة في ثنايا فصول الكتاب، رغم أنها فصول تقوم على الحياة الشخصية للكاتب وبيته، فتم الجمع بين ما هو ذاتي وموضوعي في الوقت نفسه، حتى أننا نشعر، ونحن نقرأ، بكوننا معنيين بتلك الحياة الشخصية لأنها قُدِّمت لنا من باب ما يجب أن تكون عليه حياة الأب حتى يكون جديرا بأبوته. 
نقرأ: "كنت أتعب في الظروف العادية لتحقيق الحدّ الأدنى من الانسجام، بين الأجيال الثلاثة في بيتي، فكيف بهذا الظرف المُكَوْرَن الذي قلب الأيام والليالي عقبا على رأس؟ أنا أيضا أمثل جيلا داخل البيت. لكنني نسيت نفسي مثلما كنت أفعل دائما، في ظلّ أو شمس مسعاي إلى التكفل بأسرتي. فقد اكتشفت واحدةً من غلطاتي التربوية هي أنني جعلت البيت يقوم على وجودي، حتى إذا غبت تعطّلت مصالحُه. من أسباب خراب مستقبل البيت العربي اعتماده على شخص واحد. في ظل قمع كل صوت داخله يتطلع إلى أن يكون مساهما في تسييره".
ثم يخلص إلى القول: "علينا أن نكون نبلاءَ مع بعض الأسئلة، فنشكرَها على فضلها، مثلما نكون نبلاءَ مع أفضال البشر".
ولعلّ إدراك الكاتب لما أسماه "فضل الأسئلة" هو ما جعله يخصص ملحقا في آخر الكتاب سماه "ملحق أسئلة كورونا" ضمّ عشرات الأسئلة المتروكة معلقة من غير إجابة. وتتعلق بمختلف مناحي حياة الأفراد والمجتمع والدولة، في محاولة منه لما أسماها "رسملة الوباء". 
يشار إلى أن كتاب "مسافر في البيت: يوميات أب في زمن كورونا" أصدرته دار "خطوط" ضمن سلسلة أسمتها "مرويات الفيروس"، وضمت العديد من تجارب الكتّاب العرب الذين كتبوا عن الوباء، منهم القاص المغربي أنيس الرافعي والروائي السوري جان دوست.