يحصل المسؤول على شرعيته من رضا الناس عن ما يقدمه لهم من خدمات في مجال تخصصه.. ولا نقصد بالمسؤول هنا التنفيذي فقط سواء كان وزيرا أو غفيرا.. ولكن المسؤول من الممكن أن يكون شعبيا كالبرلماني والنقابي وقادة الاحزاب في المركز والمحافظات.
الشرعية التي ينالها المجتهد منهم بسبب رضا الجمهور العام تجعله يجلس على الكرسي مستريحا تدعمه الثقة وجودة الأداء.
ولأن فيروس كورونا هو بطل هذه المرحلة كانت وزارة الصحة ومديرياتها المختلفة في واجهة الصورة.. وبعيدا عن بروتوكول العلاج والتفاصيل الفنية تشهد الإسماعيلية حالة غريبة وهي حديث الساعة في الجلسات المختلفة وتدور الأحاديث كلها حول محور واحد يتعلق بالكفاءة في إدارة أزمة كورونا وهو ما أدى إلى نداءات متوالية سواء على وسائل التواصل أو همسا لمن بيدهم القرار ويتلخص النداء في أهمية دفع دماء جديدة إلى موقع المدير العام لتتوافق تلك الدماء مع حجم التحدي الذي تعيشه مصر الآن.
الكلام حتى وصوله إلى هذه الذروة من الانفعال يمكن فهمه وتفسيره والتعامل معه ولكن أن تصحو المدينة على خبر مفاده أن الدكتور الفاضل وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية قد تقدم ببلاغ إلى النيابة العامة ضد اثنين من الشباب الناشط في المدينة (سليمان الحوت وابراهيم الكيلاني) متهما إياهم بسبه وقذفه فلابد أن ننتبه إلى أن الصراع بدأ يتجه إلى مسارات ما كان يجب الوصول إليها.. ونحن إذ نقر بالحق الكامل للجميع ومن ضمنهم المدير العام في اللجوء للقضاء ولكننا نرى ايضا ان من مهام القائد التنفيذي إطفاء الحرائق وليس النفخ فيها.
هذه الواقعة عندما تحدث في مدينة معروف عنها أنها غرفة وصالة أخذت من رصيد التعاون المفترض بين المسؤول الأول عن الصحة في الإسماعيلية وبين الكثيرين من المتحمسين لخدمة المجتمع .. حتى أن البعض من قادة الرأي العام في المدينة ومن بينهم المستشار سيد يونس صار من السهل عليهم الاتصال بالسيدة الفاضلة وزيرة الصحة لحل مشكلة هنا أو أزمة هناك والابتعاد تماما عن أي احتكاك أو تواصل بالسيد الفاضل مدير صحة الإسماعيلية. . تلك الفجوة لابد وأن تنعكس سلبا على مستوى الخدمة الصحية في ظل تصاعد خطر فيروس كورونا.
في نفس السياق وقبل أيام وصلتني مطالبة مكتوبة من رجل مشهود له بالموضوعية وهو الأستاذ مجدي عبدالسيد يطلب مني ضرورة الكتابة عن وهم العزل المنزلي لمصابي كورونا بالإسماعيلية ولما كنت في زيارة هناك الإسبوع الماضي رأيت كم الضغوط التي يلقاها أطباء الصدر والحميات في عياداتهم وعدم قدرتهم على توجيه المريض نحو عزل لائق والاكتفاء بنصيحة العزل المنزلي. الإسماعيلية التي أخذت شهرتها في بداية أزمة كورونا من وجود مستشفى أبو خليفة بنموذجيته وتحضره تقف الآن غير قادرة على استيعاب الإصابات وتنصح بالعزل المنزلي .. صحيح أن العزل المنزلي صار اتجاه عام في الدولة منذ حوالي شهر أو أكثر ولكنه في الإسماعيلية صار عنوانا لمنهج مقاومة الفيروس.
ملف الصحة في حاجة ضروريةً لوقفة ودراسة وتكاتف وتمويل ومتطوعين ويحتاج إلى وعي وإدارة ذكية للأزمة ..الناس قد تتسامح لو نامت وكانت وجبة العشاء نصف بطن ولكنها لا تتسامح مع وجع المرض وغياب اليد الحانية التي تداويه.
أملنا هو الخروج من محنة كورونا ونحن أكثر تماسكا وأكثر قوة واعمق خبرة في إدارة أمورنا الصحية ..