منذ اللحظة الأولى للتطورات الأخيرة للأزمة الليبية جاءت ردود مصر قوية وواضحة على كل ما يصدر من حكومة ما يُسمى بالوفاق، وعلى هذا القابع في أنقرة وعينه على ثروات ليبيا، ولا يعنيه أى شيء آخر، وكذا جاء رد مصر قويا من وزارة الخارجية على بيان ما يسمى بـ«المجلس الرئاسى الليبي» برئاسة فايز السراج، ليضعه في حجمه الحقيقى، محددا وبقوة موقف مصر الحازم إزاء هؤلاء الصغار، الذين رموا أنفسهم في أحضان المحتل، دون أدنى اعتبار لمصالح شعب قوامه 7 ملايين نسمة.
لم يراعى هؤلاء الجالسون في طرابلس، مصالح شعب دمرته الأزمات، والحروب، والفوضى، ويصرون على إهدار ثرواته، فليبيا واحدة من أهم الدول البترولية، إلا أن ثرواتها ليست لأهلها، بل للمرتزقة المدعومين من تركيا وقطر، الذين يتقاوضون ما بين 1500 إلى 2000 دولار في الشهر، بخلاف تكاليف معيشتهم من أموال وثروات الشعب الليبي.
ولمصلحة من يهدر هؤلاء ثروات دولة موقعها التاسع بين دول العالم في الاحتياطى العالمى من البترول، والتى كانت الأعلى على مؤشر التنمية البشرية في أفريقيا ورابع أعلى ناتج محلى إجمالى في القارة قبل أقل من عشر سنوات نظرا لاحتياطياتها النفطية الكبيرة وتعدادها السكانى المنخفض.
لا يخفى على أحد أن سعى تركيا نحو ليبيا من أهدافه هدف اقتصادى، والسيطرة على الهلال النفطى، الأقرب إلى مصر، لتصبح كل ثروات هذا البلد تحت سيطرتها، ثم الدخول في مرحلة استغلال غاز المتوسط، تحت عباءة اتفاق تحالف غير شرعى، وقعه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان وفايز السراج، في غياب السلطات التشريعية والرسمية.
هذا المخطط التركى هدفه النهائى توجيه ثروات الشعب الليبى وأجياله القادمة نحو تركيا التى تواجه أزمات اقتصادية كبيرة، بينما يظل شعب ليبيا يواصل المعاناة من ندرة الموارد التى تذهب إلى غيره، وإلى شراء السلاح.
وهناك هدف آخر لهذا العثمانلى الحالم بإعادة تاريخ إمبراطورية، أكلها التاريخ، وهزمها جيش مصر مرات، وأوقف مطامعها بتلقينها دروس عديدة، ويمتلك اليوم من القوة لتلقينه درس جديد، إذا لم يعى دروس الماضى، والهزائم التى تلقاها أجداده.
ويبقى أن نؤكد أنه في مقابل الأطماع التركية، تأتى مواقف مصر الواضحة، الرامية إلى تعزيز مفاهيم الأمن والاستقرار على حدودها ولجارتها العربية، وأن يتحقق حلم الشعب الليبى بأن تكون ثرواته له فقط، وقد حان الوقت لتحقيق ذلك.