رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

أسباب انتشار الأفعال الإجرامية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
انتشر في الآونة الأخيرة بعض الظواهر السلبية التي أضرت بأمن المجتمع مثل الأفعال الإجرامية أو ما يطلق عليها البلطجة، عن طريق استعمال القوة لإرهاب الآخرين والسيطرة عليهم؛ ومع أن المادة (٣٧٥) مكرر من قانون العقوبات المضافة بقانون رقم ١٠ لسنة ٢٠١١ نصت على أنه "يعاقب من يتم تورطه في أعمال البلطجة وإرهاب المواطنين بالسجن مدة تتراوح من سنة إلى ٢٥ سنة حسب رؤية هيئة المحكمة في الجريمة المُدان فيها الشخص"؛ إلا أنه مع ذلك انتشرت الأفعال الإجرامية والبلطجة في المجتمع وذلك لعدة أسباب هي:
١- غياب الوعي الديني في البيت والمدرسة حيث تلعب الثقافة الدينية دورًا كبيرًا في جعل الشخص يمتنع عن اللجوء لهذه الطرق، وغياب معني المراقبة لله عز وجل، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حمل علينا السِّلاح فليس منّا" (رواه البخاري ومسلم)، وقولهِ صلى الله عليه وسلم: "من أشار إلى أخيه بحديدةٍ فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه" (رواه مسلم).
٢- انعدام الثقافة التعليمية حيث إن معظم أصحاب هذه الأعمال الذين يتم القبض عليهم في وقائع عدة نجدهم غير متعلمين، ومن هنا نجد أن التعليم له دور هام فى تغيير سلوك الفرد.
٣- التربية الأسرية الخاطئة، فالأب دائماً مشغول بحياته، والأم لا تفتش عن أولادها، ولا تقوم بتقويم سلوكياتهم، مما جعل أبناءنا عرضة لهذه الظواهر تجتذبهم نحوها، فيصبحون من أربابها، فإذا اختفي الرقيب ضاعت الأخلاق، وانتشرت أعمال البلطجة بأشكالها، ولو فطن المربون إلى حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا كلّكم راعٍ، وكلّكم مسئول عن رعيَّته، فالأَمير الذي على النَّاس راعٍ، وهو مسئول عن رعيَّته، وَالرَّجل راعٍ على أَهل بيته، وهو مسئُول عنهم، والمرأَة راعية على بيت بعْلها وولده، وهي مسئولة عنهم، والعبد راعٍ على مال سيِّدهِ وهو مسئول عنه، أَلا فكلّكم راعٍ، وكلّكم مسئول عنْ رعيّته" (رواه البخاري ومسلم)؛ لعلموا أن كل إنسان مطالبٌ بالإحسان فيما استرعاه، ومسئولٌ عنه أمام الله، فإن قام بالواجب عليه كان أثر ذلك طيبا في الأمة، وإن قصّر في الرّعاية، وخان الأمانة، أضرّ بالأمة.
٤- غياب القدوة الصالحة فنجد بعض الشباب يتخذ قدوته فنّانًا، وبعضهم يتخذ قدوته لاعبًا، وبعضهم يتخذ قدوته مليونيرًا فاسدًا سرق أموال البلاد والعباد، أو مسئولاً مرتشيًا تسلق على أكتاف الشعب؛ ولن تجد الكثير من الشباب يتخذ قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أن الله عز وجل يقول في كتابه بوضوح: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (سورة الأحزاب: ٢١).
٥- بطء إجراءات التقاضى فى المحاكم والتأخير في توقيع العقاب الرادع، أحد أهم أسباب انتشار العقاب الشعبى الذى دفع بالمواطنين إلى أن يقوم كل مواطن بالحصول على حقه بيده، فتحقيق العدالة الناجزة يعمل على الحد من هذه الظاهرة؛ فالوقاية هنا أهم من العلاج.
٦- غياب دور الإعلام الأكثر مهنية وذلك بعرض نوعية من الدراما والمسلسلات التليفزيونية التى ساعدت على تفشى تلك الظاهرة، فلقد منحت الأعمال الدرامية الفرصة للبلطجي بأن يكون نموذجا سائدا في المجتمع، وأصبح الأطفال يقلدون صورة البلطجي في هذه الأعمال الدرامية بالرقص بالسيوف في الشوارع، واصطحاب الكلاب بطريقة استعراضية واستفزازية تؤذى الآخرين وتسبب حالة من الخوف والهلع، فلابد من تقديم فن راقٍ يقدم رسالة ومضمون وأعمال تتحدث عن القيم الجميلة.
وختاماً.. يجب على جميع أفراد المجتمع أن يقف صفًّا واحدًا أمام هذه الظاهرة، وإحياء روح التضامن والمروءة والشهامة، والتعامل الإيجابي مع الظاهرة، والتوعية بخطورة البلطجة على مستقبل الوطن بشتى الطرق.
وللحديث بقية طالما في العمر بقية.