ليس هناك مبرر واضح لرفض إثيوبيا نداءات العقل والمنطق الذي تنادي به منظمات العالم مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيما يتعلق بقضية سد النهضة التي تستعد لملئه خلال الشهر القادم دون الاتفاق مع دول المصب مصر والسودان، بالرغم من الأضرار الجسيمة المتوقعة على البلدين، فبذلك أصبحت إثيوبيا تتحدى السلم والعدل الدوليين الذي تنادي به دول العالم!
فأنا لست من الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة إلا أن الشواهد أمامي تؤكد بالفعل وجود مؤامرة ضد مصر ينظمها دول الإرهاب، وهي تركيا وقطر وإسرائيل، وهذا ما يسعون إليه منذ سنوات عديدة للإضرار بمصر من أي اتجاهات؛ لأن الأخيرة تحارب الإرهاب وتسعى لاجتثاث جذوره والقضاء عليه!
غير معقول أن مائة مليون وأكثر من المصريين يعتمدون فقط على مياه النيل وتأتي إثيوبيا وتعلن بناء سد أسمته النهضة دون اتفاق على تأثيراته السلبية والخطيرة على أمن البلاد!
فقضية المياه تمثل حياة المصريين بلا شك وليس للبلاد أي مورد رئيسي تعتمد عليه سوى نهر النيل الذي يمثل شريان حياة أبناء الفراعنة إلا أننا فوجئنا بأن إثيوبيا تتعامل بعجرفة وبعدم مسئولية مع دولة بحجم مصر وقوتها، ورغم ذلك فمصر وقيادتها السياسية ملتزمة بالإجراءات التفاوضية والمسار الدبلوماسي للمحادثات مع الطرف الآخر، وهو إثيوبيا بسبب أن بناء السد سوف يتسبب في حالة العطش وفقدان المياه والحياة على أرضها لاعتمادنا بشكل كبير على نهر النيل حيث تحصل مصر سنويا على 55.3 مليار متر مكعب سنويا كنسبة ثابتة منذ أيام حكم محمد علي تقريبا، ولا تزال النسبة كما هي الآن رغم اختلاف أعداد السكان والاقتصاد، إلا أن إثيوبيا تتعنت مع مصر وقرارات الأمم المتحدة ولا تريد التفاوض ولا شروط يضعها الطرفين ملزمة عليها، وتتبنى البناء العشوائي للسدود والاستيلاء على حق مصر التاريخي والمنصوص عليه في الاتفاقيات الدولية لدول حوض النيل ،معللة ذلك بحبها في التنمية وإنتاج الكهرباء الاقتصاد الإثيوبي على حساب مصر، ولكن هذا لن تسمح به دول العالم، ولا مجلس الأمن، وهذا ما يجعل مصر تفكر في خيارات أخرى في التعامل مع إثيوبيا إذا استمرت على رفضها الاتفاق على كيفية تشغيل السد وفترات الملء؛ لأن عدم انصياع إثيوبيا لحق مصر في مياه نهر النيل يعني الاعتداء على الأمن القومي وحياة المصريين، وهذا لن يقبل بأي حال من الأحوال!