في الوقت الذي ينشغل فيه العالم كله.. بمواجهة وباء كورونا القاتل.. تواجه مصر تحديات صعبة أخرى.. بجانب مواجهتها للوباء.. فهي تواجه خوارج العصر في سيناء.. وتواجه عربدة إردوغان.. الحالم بعودة السلطنة العثمانية في ليبيا.. وعبثه بمقدرات الشعب الليبي الشقيق.. وسط صمت دولي مريب وغريب.
أما المواجهة الأشرس والأصعب.. تلك الخاصة بملف مياه النيل.. وحصة مصر منها.. وتعنت الجانب الإثيوبي.. وعدم جديته في التفاوض.. للتوصل إلى حل مرضي لجميع الأطراف.. الأمر الذي أدى إلى لجوء مصر.. بعد أن استنفدت كل طرق التفاوض.. إلى مجلس الامن الدولي.. ليضطلع بدوره المنوط به في مثل هذه الأمور.. فطبقا للبند 1 من المادة 33 من الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة بخصوص حل المنازعات سلميا.. "يجب على أطراف أي نزاع من شأن استمراره أن يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر أن يلتمسوا حله بادئ ذي بدء بطريق المفاوضة والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية.. أو أن يلجأوا إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها".. وهل بعد التهديد بقطع شريان الحياة.. ومنع مورد النماء من التدفق والسريان.. نزاعا يعرض حفظ السلم والأمن الدولي للخطر.
أما المادة 36 من نفس الفصل في بندها الثاني فتقول.. "على مجلس الأمن أن يراعي ما اتخذه المتنازعون من إجراءات سابقة لحل النزاع القائم بينهم".. فهل هناك أكثر من المفاوضات طويلة النفس.. التي استمرت سنوات.. في القاهرة والخرطوم وأديس أبابا ونيويورك.. وتحمل مصر تشدد الجانب الإثيوبي وصبرها على تعنته.
ولكن ماذا لو أصر الجانب الإثيوبي على تعنته ولم يتجاوب مع الجهود السلمية؟.. في هذه الحالة يجب على مجلس الأمن.. أن يطبق مواد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.. المتعلق بما يتخذ من أعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان.. خاصة المادة 41 التي تقول.. "لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته.. وله أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة.. تطبيق هذه التدابير.. ويجوز أن يكون من بينها وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئيًا أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية.. والمادة 42 التي تقول.. "إذا رأى مجلس الأمن أن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو ثبت أنها لم تف به.. جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته إلى نصابه.. ويجوز أن تتناول هذه الأعمال المظاهرات والحصر والعمليات الأخرى بطريق القوات الجوية أو البحرية أو البرية التابعة لأعضاء الأمم المتحدة ".
لقد تحملت مصر التعنت الإثيوبي كثيرا.. وسلكت كل الطرق الودية والسلمية.. للحصول على حقها المشروع قانونا وعرفا.. وإذا لم تقم المنظمة الدولية بدورها المنصوص عليه في ميثاقها.. فلا لوم على مصر.. إذا اتخذت أي إجراء للحصول على حقها.. لأن ما تقوم به إثيوبيا من العبث بمياه النيل.. التي هي الحياة بالنسبة لمصر.. هو إعلان حرب.. ومصر لن تقف مكتوفة الأيدي.. ولن توقع على إتفاقيات من شأنها الانتقاص من حقها التاريخي والقانوني.. وستدافع عنه.. وستحصل عليه كاملا غير منقوص.