رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عدم الحُبُّ ليس سببًا كافيًا للطلاق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تقوم الحياة الزوجيّة على مبدأ المسامحة والتغافل بين الزوجين فيما عليهما من واجبات ومسؤوليّات وتضحيات، للوصول للغاية المنشودة التي وصفها الله في كتابه الكريم بالمودّة والرحمة فقال تعالي: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" (الروم : ٢١)، ولا شك أن الحياة الزوجية التي تقوم على الحب بين الزوجين هي الصورة المثلى للزواج، ولكنها ليست الصورة الوحيدة، ولا يعني كمال تلك الصورة استحالة استمرار غيرها من التي فُقد فيها الحب؛ فثمة عوامل أخرى تمد الأسرة بمادة بقائها واستمرارها، فكثير من المصالح تستمر بلا حب؛ فالزواج قائمٌ على التجربة والمعاشرة والمودة والرحمة، التي يجعلها الله بين الزوجين ويزداد الحب شيئًا فشيئًا مع الأيام، حتى يمتلئ البيت دفئا وسرورًا ينعم فيه الأبناء، وإن اعترى الحياة الزوجية منغصات فلا تعصف بالبيت ما دام الكل يؤدي ما عليه، ويتقي الله في الآخر؛ فحسن العشرة وتبادل الحقوق والواجبات كفيل مع الزمن برأب الصدع، وإنشاء المحبة والرحمة بينهما، فالسعيد من رزق زوجة صالحة تعينه على أمر دينه ودنياه، وتكون له سكناً وأمنا، ويجد في كنفها المودة والرحمة وقرة العين والقلب، ورغم أن وجود الحب بين الزوجين أمر مهم، إلا أن الحياة الزوجية يمكن أن تدوم بدونه، وعدم الشعور بالحب لا يستلزم الفراق، والعاقل عليه أن ينظر إلى الطلاق باعتباره الكيّ المؤلم الذي يضطر إليه المريض؛ فعقلاء العرب قالوا: "آخر الدواء الكيّ" وقبل التفكير في هذا الكيّ لابد من استنفاد جميع الوسائل الممكنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: «لا يفركْ مؤمنٌ مؤمنةً إِن كره منها خلقًا رضي منها آخر» (رواه مسلم)، أي لا يبغض الرجل زوجته لأنها أساءت في خلق واحد، بل يقارن إن كره خلقاً منها رضي منها خلقاً آخر.
ليس على الحُبُّ وحده تبنى البيوت، كما ورد في الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جاءه رجل يستشيره في طلاق امرأته، فقال له عمر: "لا تفعل"، فقال الرجل: ولكني لا أحبها، قال عمر رضي الله عنه : "ويحك وكم من البيوت يبنى على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم؟" والمقصود أن البيوت إذا عز عليها أن تبنى على الحب، فإنها تبقى وتستمر على ركنين آخرين هما: الرعاية بمعني التراحم والتكامل وتأدية الحقوق والواجبات، والتذمم، وهو التحرج من أن يصبح الرجل مصدرًا لتفريق الشمل وتقويض البيت وشقوة الأولاد، ونكد العيش وسوء المصير؛ فأين تجد المرأة رجلا ترتضى جميع خصاله؟ وأين يجد الرجل امرأة ترتضى من جميع الجوانب؟ فقد ورد في الأثر عن عمر رضي الله عنه أنه قال: "فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام" وفي رواية أخرى أن امرأة سألها زوجها: هل تبغضه ؟ فقالت: نعم، فقال لها عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "فلتكذب إحداهن ولتتجمل، فليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام" فقد أباح عمر بن الخطاب _رضي الله عنه _ الكذب للزوجة والتجمل في القول لزوجها حفاظًا على الزوجية، فالمراد إظهار الود والمحبة واللين فى القول مما يساعد على استقرار العلاقة الزوجية.
وللحديث بقية طالما في العُمر بقية.