الإثنين 29 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

(حمادة التانى) بين الإلزام والالتزام!!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لست أدرى متى طرحت العبقرية الشعبية تلك المقولة المعبرة ذائعة الشيوع "ده حمادة، واللى بيحصل حمادة تانى خالص"، كناية على أن ثمة تناقض في توجهين حيال موضوع واحد كان الجميع يظن توحدهما. ولقد ألحت على هذه المقولة في متابعتى للسلوكيات المطروحة على الساحة في أزمة كورونا الحالية للكثير من ذوى الحظوة المجتمعية، ممن يطلق عليهم علية القوم. حيث تتصدر أخبارهم كافة وسائل الإعلام التى جعلت منهم شخوصًا ملئت الأسماع والأبصار، وباتوا حضورًا في بيوتنا دون إستئذان بحكم ذلك التواجد الإعلامى. فقد أطلت علينا منذ بواكير الأزمة وجوه إعلامية وفنية شهيرة تقلل بل تُسفه من حجم المأساة التى بدأت نيرانها تجتاح أوروبا وأمريكا كما رأينا. حيث تم الترويج لوهم المناعة الطبيعية وعلاقة أكلاتنا (الحِرشة) بالقدرة على دحر الفيروس، وغيرها من الخزعبلات اللامسئولة ممن توسم البعض فيهم سلوكًا داعمًا لجهود الدولة التى أعلنت من فورها عن تخصيص مبلغ ضخم للمواجهة حتى لو تأثرت خطة التنمية. فكان موقفهم (حمادة تانى خالص).
وعندما بدأت الأزمة في التصاعد وإتخذ الإعلام توجهًا توعويًا موحدًا من أجل إزكاء الوعى حيال تدابير المواجهة، وجدنا من المشاهير من يتباهى في مواقع التواصل الاجتماعي بنشر صور لمناسبات خاصة لا تتم إلا بتجمع الأهل والأصدقاء. مما أثار حفيظة جمهور الميديا التى بدت في مساجلات ومنازلات كلامية ما كنا بحاجة إليها، حيث تداخلت خطوط التماس بين الحرية الشخصية والالتزامات المجتمعية. وما من شك أن الصخب الذى صاحب هذه المواجهات قد إنعكس بالسلب على الحالة النفسية المجتمعية التى كان ينبغى مراعاتها، بدلًا من ظهور البعض منهم وكأنهم في موقف (حمادة تانى خالص).
أما عن رجال الأعمال الذين تختلف نجوميتهم عن سابقيهم لارتباطها بالجانب المادى قبل الأدبى، فقد واجهوا سيلًا من الإنتقادات بسبب الموقف السلبى أو بحكم التصريحات المنسوبة للبعض منهم والتى ترتبط بالخسارة المادية في مقابل الأرواح الإنسانية. مما إعتبره البعض إستفزازًا يجافى أبسط قواعد التراحم لا سيما وأن بعض هذه التصريحات قد تناولت قضية استمرار العمل مقابل تسريح العمالة وتحجيم الخسارة في ظل تلاشى الربحية، وغيرها من رؤى تؤكد على جُبن رأس المال أحيانًا في مواجهة الملمات والجائحات. فبدوا وكأنهم (حمادة تانى خالص).
وعلى الرغم مما أثارته المواقف سالفة الذكر من لغط وصخب إرتفع بأساليب التلاسن أحيانًا إلى مستوى تجاوز سقف المسموح به، فقد أتاحت في المقابل نوعًا من الحرص على التضامن الجمعى بين مشاهير المجتمع وغالبية أفراد الشعب. وأحسب أن ضبابية المشهد في البداية قد أفضى إلى هذا النوع من المواجهة، فضلًا عن تزامن الأزمة مع موسم التبرعات الرمضانية. يضاف إلى ذلك عنصر التوتر الجمعى الذى عاشه المجتمع ولم يزايله بعد. بيد أن إستجابة كافة الأطراف للضمير الجمعى ومن ثم لدورها المجتمعى إلتزامًا أو إلزامًا سوف يفضى بنا إلى وجود (حمادة) واحد فقط، بعدما يغادرنا (التانى) إلى غير رجعة. وإنا إن شاء الله لقادرون.