تشهد لبنان منذ السبت الماضي موجه ثانيه من التظاهرات وسط مطالب بإسقاط حكومة
حسان دياب ونزع السلاح من حزب الله، حيث تجمع المتظاهرون وسط العاصمة بيروت، للاحتجاج
ضد حزب الله ومحاولته بسط النفوذ على الدولة اللبنانية وفساد الطبقة الحاكمة.
"البوابة نيوز" أجرت هذا الحوار مع الخبير السياسي والكاتب اللبناني
على المرعبي، والذى أكد بدوره حامي الفساد الأكبر في لبنان هو حزب الله، الذي يحمي
شبكة من تجار المخدرات والتهريب، وأن حكومة حسان دياب لم تحظى باى ثقه شعبية من البداية.
وإلى نص الحوار
ـ بداية، لماذا فقد الشعب الثقة تمامًا في حكومة حسان دياب الجديدة رغم أنه لم يمر عليها سوى بضعة أشهر؟
ـ هذه الحكومة لم تحظى بثقة الشعب منذ البداية،
سوى لدى جمهور التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، أما باقي الشعب اللبناني فلم
يثق بها، لأنها أتت تحت ضغط حزب الله وحلفائه. ورغم ذلك فإن هذه الحكومة لم تقترب من
مطالب الشعب الذي تظاهر وأسقط الحكومة السابقة، خاصة في مجال تحسين ظروف الحياة والعمل
والرواتب، ومحاربة الفساد والفاسدين. طوال هذه الأشهر لم تقدم هذه الحكومة أي حل لهذه
المشكلات، بل أن الأمور تفاقمت وإزدادت معاناة عموم الشعب اللبناني.
كل الوعود التي أعطتها الحكومة هي غيبية وغير
صحيحة، ولا يمكن تنفيذها خاصة في ظل إنعدام الدعم العربي والدولي بسبب هيمنة إيران،
من خلال حزب الله على هذه الحكومة.
ـ كيف ترى الحراك هذه المرة، هل
سيغير شيئًا من الواقع السياسي اللبناني أم سيفشل؟
ـ الحراك الشعبي سينجح بإحداث تغييرات مهمة، إذا
ما تلقى دعما عربيا ودوليا، لأنه تحرك عادل ومشروع على الصعيدين الحياتي والسياسي،
حزب الله وحلفائه، وبفعل الحصار على إيران، فقدوا الكثير من القوة والدعم المالي، لذلك
لجأ حزب الله، إلى توسيع دائرة التهريب وإستباحة مرفأ ومطار بيروت الدولي، وتبيض الأموال
والتجارة بالمخدرات.
مع مزيد من إنكشاف دور حزب الله التخريبي في لبنان
والعديد من الدول العربية، وخاصة سوريا، بدأ يفقد التأييد الذي كان يحظى به من خلال
تستره بإسم المقاومة.
تبقى إرادة الشعب، إذا ما توفر الدعم لها، قادرة
على تحقيق مطالبها خاصة في إسقاط النظام ومحاسبة الفاسدين واللصوص الذين في السلطة.
ـ في حالة أقالة الحكومة كما حدث
من قبل، هل هناك أسماء بديلة لدى الشعب ليطرحها بنفسه هذه المرة؟
ـ بالطبع إن لبنان، يتمتع بكادر متقدم ومتعلم
ولديهم الخبرة الطويلة بإدارة مؤسسات الدولة، يمكن إيجاد العشرات من الكفاءات اللبنانية
المستقلة والتي تتمتع بسمعة وطنية ونظافة الكف، ليتقدم أحدهم لتشكيل حكومة مستقلة تحظى
بثقة الدول العربية والمجتمع الدولي، وهنا يمكن دعمها، حتى تتمكن من إيصال الوضع الاقتصادي
اللبناني المنهار إلى بر الأمان.
أي رئيس حكومة مقبل، من الضروري أن يكون ذو مصداقية
ومشهود له بسيرته الوطنية، بعيدًا عن تجاذبات القوى السياسية اللبنانية التي لا يهمها
إلا مصالحها الذاتية، رغم تهاوى البلد نحو الإفلاس.
ـ ماذا عن المطالبة بنزع سلاح حزب
الله، هل هناك قدرة في لبنان على تنفيذ هذا المطلب؟
ـ إذا ما توفرت الإرادة السياسية، ورفع الغطاء
محليًا وعربيًا عن حزب الله، فإن نزع سلاحه يصبح ممكنًا بشكل حقيقي، التهديدات التي
يطلقها حسن نصر الله بين الفينة والأخرى، فإنها تبقى تهديدات، الوضع اللبناني الداخلي،
يقوم على التوازن الطائفي والمذهبي والسياسي، ولا يستطيع أي طرف أن يلغي الآخر. وترسانة
حزب الله الإيرانية التي يمتلكها ـ رغم حجمها ـ لا تستطيع أن تحسم أي وضع داخلي عسكريًا،
وإلا لما تردد حزب الله، ضمن مشروع التوسع الإيراني بالدول العربية من استخدامها والسيطرة
على لبنان.
هناك قوى لبنانية قادرة على مواجهة حزب الله وعزله،
وتقطيع أوصال خطوطه خاصة بين ضاحية بيروت والجنوب والبقاع، العنتريات التي يطلقها حسن
نصر الله لا تجدي في حال اندلاع مواجهات داخلية لا سمح الله، لأن ليس المهم أين يصل
الصاروخ أو قذيفة المدفع، بل المهم أن تصل أقدام المقاتلين ميدانيًا.
ـ برأيك ما حقيقة ما يقال حول أن
حزب الله مسئول عن عدم محاكمة الفاسدين في لبنان لأنه لديه مصالح معهم؟
ـ هذه مسألة صحيحة بشكل تام، إن حامي الفساد الأكبر
في لبنان هو حزب الله، الذي يحمي شبكة من تجار المخدرات والتهريب، والتهرب الضريبي
وتبيض الأموال والسيطرة على مرفأ بيروت والمطار.
إذ أن حزب الله لا تتوقف حمايته للفاسدين على
مصالحه وحسب، بل لأنه هو من يقود ويوجه هؤلاء الفاسدين، ويمرر الصفقات المشبوهة مع
حلفائه في حركة أمل والتيار الوطني الحر.
أن مداخيل حزب الله كلها مشبوهة، سواء تلك التي
تأتي من إيران من أجل تمرير مصالحها في لبنان والدول العربية، وهذا ما لمسناه من تدخله
الواسع النطاق في سوريا لدعم نظام الأسد الحليف لإيران، أو تلك التي تأتي من كل الممنوعات
التي يقوم بها من خلال رجال أعمال واجهة له.
ـ وأخيرًا ما رأيك في قضية غلق
المعابر مع سوريا ورفض حزب الله لذلك لما فيه من ضرر كبير على مصالحه؟
ـ طبعًا يرفض حزب الله غلق المعابر غير الشرعية
التي أقامها على الحدود بين لبنان وسوريا. لأنه يستخدم هذه المعابر لتنقل مقاتليه بحرية
على الحدود، ونقل ترسانة أسلحته حسب الضرورة بين لبنان وسوريا، وتمرير الارهابيين الذين
يحظون بدعمه.
من جهة ثانية، تتيح له المعابر غير الشرعية تجارة
التهريب الواسعة التي يقوم بها، سواء للمواد والبضائع العادية التي تعود بالنفع عليه
وعلى النظام السوري، أو المخدرات التي يسيطر على زراعتها وتصنيعها في سهل البقاع وتهريبها
من خلال هذه المعابر.
إن معابر التهريب غير الشرعية معروفة لجميع اللبنانيين
وأماكنها، ومعروفة للسلطات والجيش اللبناني، الذي لا يستطيع التحرك من دون طلب حكومي
رسمي، هذه المعابر تكبد الخزينة اللبنانية خسائر كبيرة إضافية.