الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

هؤلاء ليسوا أطباء وليسوا جيشًا أبيض

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وباء كورونا الذى هزم العالم كله بضربات أعنف وأعمق من ضربات الحروب العالمية حتى إنه فرض على الواحد منا أن يتعامل مع حياته باعتباره رقما مرشحا للإحصاء فى بيان وزارة الصحة اليومى كمصاب أو متوف.. هذا الوباء الذى تعيشه الإنسانية لم يجد مدخلا إنسانيا لدى الأفاضل أصحاب المستشفيات الخاصة بمصر المحروسة.
الأسبوع الماضى أعلنت وزارة الصحة عن قيمة تقديرية لعلاج المصاب بالمستشفيات الخاصة، وما إن صدر إعلانها حتى قامت الدنيا على لسان مسئول معلنا من جانبه عن انسحاب المستشفيات الخاصة من علاج المصابين بفيروس كورونا.. المسئول الذى قدم نفسه باعتباره طبيبًا لا يمكن أن أتعامل معه بهذه الصفة الراقية الضاربة فى عمق ألف باء إحساس وألف باء ذوق وألف باء إنسانية وألف باء مسئولية. 
لن أذكر اسم الطبيب فى مقالى هذا، لأن مصر بالكامل استمعت إليه فى برنامج تليفزيونى، وهو يقول متفاخرا إن 100% من المستشفيات الخاصة انسحبت من التسعيرة التى حددتها وزارة الصحة، لعلاج مرضى فيروس كورونا المستجد «كوفيد19».
وبعيدا عن الدخول فى تفاصيل الأسعار التى اختلفوا عليها وهى بالآلاف تعالوا نرى مبادرات فقراء مصر عمالها وفلاحيها.. موظفيها وأصحاب المعاشات.. تعالوا نرى ملح الأرض وهم يتعاملون مع وباء لا ذنب للحكومة ولا المصابين فيه.. مئات أعلنوا عن التبرع بمقابر أسرهم لتكريم شهداء كورونا الآلاف من المتطوعين لسد حاجة المعزولين منزليا من خلال مدهم بالغذاء والعلاج.. شباب «زى الورد» يقفون على النواصى لرش أيدى المارة بمواد مطهرة.. متحمسون وقادة طبيعيون فى مواقعهم اشتروا أجهزة الرش وخلطوا الكلور بالماء وراحوا يقاومون الفيروس على سلالم العمارات والمناور ومداخل البيوت.. هؤلاء هم حماة مصر الحقيقيون.. هؤلاء هم ملاك مصر الأصليين.. أما من ينسحب من ميدان المعركة من أجل حفنة جنيهات فسوف يسجل التاريخ ضده أنه لا طبيب ولا يمكن ينال شرف الانتساب للجيش الأبيض الذى قدم شهيدا تلو الآخر فى معركة قدرية جاءت بدون موعد.
تصريحات انسحاب المستشفيات الخاصة من التسعيرة التى حددتها وزارة الصحة لا يجب أن يمر مرور الكرام.. هذه دولة نحترمها تقود شعبا عظيما وعلى الدولة المحترمة أن تسترد حقوق هذا الشعب العظيم.. عشرات المستشفيات الخاصة حصلت على امتيازات وتسهيلات تكلف بها دافع الضرائب.. وعن الضرائب أيضا تقول إن الكثير من المستشفيات الخاصة لا يعرف طريق مصلحة الضرائب.. علاقة المواطن بالطبيب ليست حبا من طرف واحد.. نقدر العلماء المجتهدين والمخلصين منهم.. نرفع مجدى يعقوب ومحمد غنيم ومحمد ابوالغار وطبيب طنطا الدكتور محمد مشالى وطبيب فقراء الإسماعيلية محمد حسن حامد نرفعهم فوق رءوسنا ونواجه بكل ما استطعنا من قوة الاستغلال والمفسدين والفاسدين. 
نسأل ونحن فى عز الأزمة عن فواتير العلاج بتلك المستشفيات وحق الدولة فى تلك الأرباح المهولة.. لن أصدق طبيبا يحدثنى عن الأمراض وعلاجها إذا لم يكن الطبيب مقتنعًا بحق الناس فى الصحة تماما كما حق الناس فى التعليم الذى قال عنه طه حسين كالماء والهواء للإنسان كذلك الحق فى الصحة هو كالماء والهواء للإنسان.. إذا اقتنعت الدولة بتلك المعادلة البسيطة.. وقتها سوف نكتب عن نقابة الأطباء التى سكتت عن حكاية انسحاب المستشفيات الخاصة من علاج المصابين بفيروس كورونا ولنا عودة معها.. عندما تعود الدولة لمحاسبة الهاربين من المعركة.