الأربعاء 04 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

ليبيا.. مبادرة القاهرة اختراق للموقف الدولي وإنذار أخير لأنقرة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قدمت مبادرة القاهرة لحل الأزمة الليبية التى أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسي ظهر السبت الماضى عقب اجتماعه بكل من المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح، فرصة أخيرة لما تسمى بحكومة الوفاق فى طرابلس لتكون شريكاً فى إيجاد تسوية سياسية سلمية؛ رغم كل ما اقترفته من جرائم فى حق الشعب الليبي باعتمادها على مليشيات الجماعات الإرهاببية، وجلبها لمرتزقة أردوغان لتعينه على احتلال ليبيا.
الفرصة تجسدت فى مطالبة الرئيس السيسي الأمم المتحدة بدعوة كل الأطراف والشخصيات السياسية الليبية فى الشرق والجنوب والوسط إضافة إلى حكومة الوفاق للاجتماع فى جنيف تحت المظلة الأممية لبحث المسار السياسى؛ وهى بمثابة محاولة أخيرة لمساعدة "الوفاق" لتنسلخ من ارتباطاتها المشبوهة والمشينة مع المحتل العثمانى وزعماء التنظيمات الإرهابية.
هذه الدعوة تدلل على صدق مساعى المبادرة المصرية لإحلال السلام فى ليبيا وإيجاد حل ليبى – ليبى خالص دون تدخل أى طرف خارجى؛ وحتى تكون هذه الفرصة ممكنة، نصت المبادرة المصرية على وقف إطلاق النار بدءاً من الإثنين الثامن من يونيو وبالتوازى مع ذلك تضطلع الأمم المتحدة وكافة أطراف المجتمع الدولى بدورها الرئيسى فى إلزام كافة الجهات الأجنبية المتورطة فى الحرب الليبية بسحب آلاف المرتزقة والإرهابيين الذين تم جلبهم من سوريا فى إشارة صريحة إلى تركيا.
اللافت هنا أن المبادرة جعلت مسألة وقف إطلاق النار ملازمة لعملية سحب المرتزقة والإرهابيين وجنود المحتل العثمانى، وتفكيك المليشيات المسلحة وتسليم أسلحتها إلى الجيش الوطنى الليبى، وهو ما يعنى تأكيد المبادرة على أنه لا نجاح ولا تقدم لأى عملية سياسية أو تفاوضية فى ظل استمرار الاحتلال التركى للأراضى الليبية، وتبعية حكومة الوفاق لقادة المليشيات والتنظيمات الإرهابية.
أهم ما فى المبادرة المصرية ارتكازها على مخرجات برلين وتأكيد احترامها لكافة الجهود الدولية والقرارات الأممية ذات الصلة، ودعوة الأمم المتحدة وأطراف المجتمع الدولى الفاعلة لاحتضان ورعاية المسارات التفاوضية الثلاث بين الأطراف الليبية وهى المسار السياسى والاقتصادى والأمنى لتحدث بذلك اختراقاً للموقف الدولى الذى تجاذبته المصالح المتناقضة للدول الكبرى التى جعلت من ليبيا ساحة لصراع دولى لا يراعى فيه أحد مصلحة الشعب الليبى؛ لكن المبادرة المصرية جاءت لتضع الجميع أمام مسؤولياته، حيث ستكشف مواقف الدول العملية من المبادرة المصرية حقيقة نواياها، وربما جرائمها التى ارتكبتها فى ليبيا تحت شعار دعم الحكومة المعترف بها دولياً "الوفاق".
روسيا والولايات المتحدة وفرنسا كانوا أول الفاعلين الدوليين المرحبين بالمبادرة المصرية فيما غابت حتى ساعة إعداد هذا التقرير أصوات ألمانيا وإيطاليا والمفوضية الأوروبية للسياسة الخارجية، وبعيداً عن المواقف الصادقة للدول العربية المرحبة بالمبادرة (الإمارات- السعودية – البحرين – الأردن) تحتاج مواقف باقى الأطراف الدولية برهاناً على صدق نواياها هذه المرة وما سيكشفه مدى جديتها فى الضغط على راعى الإرهاب الدولى أردوغان لسحب ضباطه وجنوده ومرتزقته من الساحة الليبية، ومساعدة ممثلى حكومة الوفاق على التخلص من التبعية لقادة التنظيمات الإرهابية.
من جانبها، ردت تركيا عبر عملائها فى طرابلس برفض المبادرة بحسب ما جاء على لسان الإخوانى خالد المشرى رئيس مجلس الدولة الأعلى الذى أكد أنهم ليسوا بحاجة إلى أى مبادرات وحرض على مصر تحت زعمه أنها تتدخل فى الشأن الليبى مؤكداً استمرار المعركة لحين بسط السيطرة على كامل التراب الليبى ومشدداً على أن المشير حفتر لن يكون طرفاً فى أى تسوية سياسية؛ وواصلت مليشيات السراج مدعومة بالطائرات والبوارج التركية، قصف مدينة سرت الساحلية وحاصرتها من ثلاث بوابات لكن رد الجيش الوطنى الليبى جاء حاسماً وسريعاً فسرعان ما تمكنت مقاتلات سلاح الجو من تدمير أرتال المرتزقة السوريين ومليشيات السراج داخل وعلى أطراف سرت ليفر ما تبقى منها غرباً نحو مصراته فيما تمكنت من تحييد البارجة التركية التى كانت ترابض أمام سواحل سرت.
الرد الحاسم على جرائم الاحتلال العثمانى وأتباعه فى سرت يؤكد أن مبادرة القاهرة إنذار أخير لأردوغان وأن عليه الانسحاب فوراً وإلا سينال مرتزقته وأذنابه فى باقى المدن الليبية ما نالهم فى سرت عقب انتهاء الإعلان عن مبادرة القاهرة، التى شهد المؤتمر الصحفى الخاص بها تأكيداً وتشديداً من الرئيس عبدالفتاح السيسى على أن استقرار ليبيا جزءا لا يتجزأ من استقرار مصر.
اللافت فى المبادرة المصرية أنها تبنت مبادرة المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي التى أطلقها أبريل الماضى لإنشاء مجلس رئاسى جديد له رئيس ونائبان يمثلون أقاليم ليبيا الثلاثة يتم تشكيله تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة كما تضمنت بنود أخرى خاصة بالحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية وإعلان دستورى يرتب لصياغة المستقبل السياسى لليبيا وكأن القيادة المصرية أرادت التأكيد على كذب كل ما أثير مؤخراً عن خلاف بين الجيش الوطنى الليبي ومجلس النواب بسبب مقترح عقيلة صالح الذى اعتبره البعض تمهيداً لتقسيم ليبيا لثلاث دول وليتضح من تفاصيل المبادرة المصرية أن المقترح بهذه الصيغة يسعى لضمان تمثيل مصالح كل الليبيين لاسيما فى الأقاليم التى عانت من التهميش طوال عقود مضت.