الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

«أنتيفا» الإخوانية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العشرية الثانية في القرن الواحد والعشرين تشير إلى أن شيئا تتم إدارته في العالم لحساب جهات ما، أو منظمات ما، لن نخوض في تفاصيلها؛ لأن كثيرا مما يقال حولها ما زال بحاجة لمن يوثقه بشكل علمى يخضع لمقاييس البحث والفحص المعروفة والمتعارف عليها.
لكننا في هذه الكلمات نشير إلى أن كثيرًا مما يجرى في أمريكا بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا حول كمال واكتمال كيان الديمقراطية الغربية فإن كثيرين من باحثى العلوم السياسية وفقهائها قد أعلنوا أن هذه الديمقراطية سقطت وبحاجة إلى من يداوى جروحها ويرقع أثوابها التى كشفت عوراتها سريعا في الاختبار الأهم والأصعب.
ما يهمنا هنا هو أن حركة «أنتيفا» الأمريكية التى يتهمها الرئيس الأمريكى ترامب بالتسبب في الفوضى التى تدور رحاها في معظم ولايات أمريكا- بلغت حتى كتابة هذه السطور نحو ٤٠ ولاية من ٥٠، هى حركة تتبع السلوك الفوضوى نفسه، الذى تتبعه جماعة الإخوان في هدم الأوطان.
و«أنتيفا» هى كلمة تتكون من مقطعين «أنتى» بمعنى «ضد» و«فا» تلخيصا لكلمة «فاشية» التى تعنى حب الوطن، ومن خلال المعنى اللغوى للكلمة يتضح الهدف الذى تسعى إليه الجماعة صاحبة المسمى، ولكن منظمة «أنتيفا» هى منظمة عابرة للحدود والدول بل عابرة للأجناس والأديان وتعتبر نفسها المدافع الأول عن كل المقهورين في كل مكان بصرف النظر عن انتماءاتهم وجنسياتهم، وهو هدف نبيل في حد ذاته إلا أنه سرعان ما يصطدم مع الأنظمة السياسية الحديثة، وما تنبنى عليه أسس الدول من نظام سياسى وجيش نظامى وقضاء محلى وغيره من مظاهر الدول والمجتمعات الحديثة.
الحقيقة أن «أنتيفا» الأمريكية لا تختلف كثيرا عن الجماعة الإخوانية إلا أن الأخيرة تتفق معها في المنهج والنهج فقط، ولكنها تفتقر إلى نبل المقصد في الدفاع عن المظلومين والمسحوقين في العالم، وهو ما يكشف عن قدرة الجماعة الإخوانية في الاستفادة من مناهج كل الجماعات السياسية، سواء اختلفت معها عقائديا أو منهجيا.
فوجدنا جماعة الإخوان تستفيد من طريقة جماعة «حدتو» الشيوعية التى كانت من أوائل الجماعات التى استخدمت أسلوب الخلايا العنقودية في طريقة تجنيد وتنظيم أعضائها.وها هى الآن من أبرز مشجعى جماعة «أنتيفا» التى تحض على إشاعة الفوضى وهدم الأوطان الحالية تمهيدا لـ«الفوضى الخلاقة» التى يمكن أن تنتج- بحسب ادعائهم- نظاما أكثر عدلا وأقل ظلما للفقراء والمعوذين.
ربما كانت في أمريكا أسباب تستدعى الثورة الآن، خاصة بعد أن أصبح أكثر من ٣٧ مليون مواطن أمريكى بلا عمل بعد تسريحهم من وظائفهم التى فقدوها منذ بدء أزمة «كورونا» كما لا يخفى على أحد أن العنصرية ما زالت نارا متأججة تحت رماد المظهر الأمريكى البراق الذى يدعى أنه قائدا بل نبى الديمقراطية في العالم إن جاز القول!.
لا شك أن ما جرى خلال الأيام العشرة الماضية سيترك أثرا لا يمكن إغفاله، بل ربما سيثير أسئلة لم تكن مشروعة وستثير بعضا من المسكوت عنه طوعا أو كرها، ومن بين المسكوت عنه استئثار حزبين فقط بالحكم والرئاسة، وهما الحزبان الجمهورى والديمقراطى.. ومن بين المسكوت عنه اضطهاد الأحزاب والجماعات اليسارية بل والأفراد المعتنقين الفكر الاشتراكى، سواء كانوا أساتذة جامعات أو كتاب وصحفيين أو حتى موظفين في أماكن نافذة في أمريكا.
الفوضى هى الهدف الرئيسى للجماعتين حتى وإن اختلفت دوافع كل منهما، جمعتهم الوسيلة واختلفت فضيلة الهدف بين كل منهما.