السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

بنك الحب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
راقني اسم البرنامج الذي حللت عليه ضيفا في إذاعة الشرق الأوسط، وظلت الجملة عالقة في ذهني أتدبرها وأتساءل هل حقا هناك بنك للحب؟.
كانت الإجابة الأولى لدى أن هناك بنك مركزي للحب في السماء، هذا البنك وضع ودائع أو أرصدة من هذا الحب في بنوك صغيرة بقلوب البشر، بعضها نماها وحقق أرباحا وفائضا والبعض بددها ووقع في خسائر وربما استدان، لكن المفاجأة كانت في صنف ثالث غير هذا الرابح وذلك الخاسر وهو ذاك الذي جبن عن التعامل مع الوديعة بالسلب والإيجاب وأغلق البنك عليها ظنا أن وقتها سيأت ومضى العمر وهو ينتظر مالا يجئ.
الحوار والجدال والمجادلة وأحيانا المجاملة كانوا ممتعين مع النفس والروح وإن اختلف تعريفها لمعنى الحب.
أما النفس فجاء تعريفها له أشبه بما يجمعه الصغار من ويكيبيديا أو يقصونه من قصائد الشعر ويعيدون تفصيله حسب حالتهم، لكنه تعريف وممارسة سطحية لأمر إنما خلق ليكون معنويا وعميقا.
فالروح قالت أن الحب هو الدافع الأساسي لخلق آدم، فالله جل في علاه خلق من يعبده أمرا وأراد أن يخلق ما يعبده اختيارا، من يدرك جلاله وإعجازه ونعمه فيقوده العقل والمنطق من تدابير الصنعة لحب الصانع.
المتدبر في الأمر يدرك أن الله واهب كل هذا الحب هو الآخر جل في علاه، أحب وعبر عن ذلك الحب ليأخذ القادمين من الأثر طريقا يسلكوه، فنفخ في أدم من روحه وإن لم يكن هذا حب.. فماذا يكون؟ ثم أطلق فرمانا بالسجود إليه.. وبعد ذلك كله يخطئ آدم فتتجلى عظمة المحب القدير بأن يعلمه كيف يعتذر.. يعلمه ما يحب هو لحظة الندم فينطقها آدم فيتوب عليه.. إن لم يكن هذا حب فماذا يكون؟. ثم يعاقبه ويعاتبه بلغة المحب ويقول له: يا آدم أكنت تحب أن أعصمك فلا تغادر الجنة؟ فيقول آدم: نعم يارب.. ويأت الرد: إني خلقتها لك، ولكن الله يريد مزيدا من الحب والسعي الدؤوب والتضحية واليقين والثبات عليه، لذا كل ابتلاءات الرسل والنبين والعارفين ما كانت إلا اختبار وتمحيصا لهذا الحب، حتى يحين الحين فتنزع كل مظاهر الحب من القلوب ولا يبقى إلا حبه هو.. الحب الأوحد والأبقى.
أخذتني روحي لأبعد مما كنت أظن وأدركت أننا جميعا بحاجة إلى إعادة لفهم معنى الحب.. بحاجة إلى هدم كل المعتقدات التي عرفناها عنه.. بحاجة إلا إعادة صياغته من جديد وانتهاجه لتزول عنا الغمامات.. نحن بحاجة إلى التدبر والوقوف مليا أمام كل آية سماوية ذكر فيها اسم الحب.. بحاجة إلى جرد رصيده في قلوبنا عسى الله أن يقرض من بدده ويعوض خسارته إذا هو أدرك قيمته.
سيربح من استثمره أما من احتفظ به وعاد به لن يجديه ذلك فالأصل والشرط في الحب المعاملة.
وأخيرا صور التعامل كثيرة ومربحة فالربتة حب.. والابتسامة حب.. وجبر الخاطر حب.. والسلام حب.. ونية الخير حب.. والكف عن الأذى حب.. ونشر الرضا حب.. ونثر الأمل حب.. وبث الطمأنينة حب.. وشد الأذر على الصبر حب.. والتآخي حب.. والصدقة والتصدق حب.. وصدق الوعد حب.. وصون العهد حب.. والكلم الطيب حب.. والصمت عن الخوض في العرض حب.. ووأد الكراهية حب.
فاحبوا تنجوا.. وإن لم تستطيعوا فهم المغزى والمعنى سيسحب الله أرصدة هذا الحب من بنوك قلوبكم وسيأت بغير منكم يحبهم ويحبونه.