الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مصر تتخطى حاجز المركزية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تختلف أساليب الإدارة في مختلف دول العالم، وعلى سبيل المثال فإن الولايات المتحدة الأمريكية تنتهج أسلوب الإدارة اللامركزية، فمثلا بعض العقوبات أو المخالفات قد تختلف من ولاية لأخرى على حسب حاكم كل ولاية، دون المساس بالدستور الأمريكي- بالطبع-، أما في عالمنا العربي، فأغلب الدول العربية تنتهج الإدارة المركزية حيث تكون الحكومة المركزية هي السلطة المنوط بها كل المهام.
ليست واحدة منهما أفضل من الأخرى، فلكل منهما بعض العيوب وبعض المميزات، ولكن تبقى اللامركزية هي علامة نضوج الدولة ورصانة مؤسساتها.
ففي الآونة الأخيرة وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي وطالب المحافظين بضرورة التصدي لمخالفات البناء والتجاوزات العقارية التي ربما هي التجاوزات الأكثر من حيث النسبة، مناشدًا إياهم أن كل منهم رئيس لمحافظته، كما ناشدت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى المحافظين بتفقد المستشفيات في كل محافظة للتأكد من توافر المستلزمات الطبية والأطقم الطبية ومتابعة سير العمل بالمستشفيات.
وهنا يتجلى شيء لم نعتد عليه في الإدارة المصرية الداخلية وهو اللامركزية ولكن ضمن هيكل إداري موحد، ولذلك فوائد ودلالات عدة، على رأسها؛ أن الهيكل الإداري الداخلي أصبح ناضجًا بالشكل الكافي الذي يمّكن حكومة الدكتور مصطفى مدبولى من إعطاء الضوء الأخضر بكل ثقة للمحافظين لممارسة صلاحياتهم وسلطاتهم لتطبيق القانون وحوكمة الدولة، ويكونوا صورة مصغرة من الحكومة المركزية في كل محافظة مصرية، كما ينمّ أيضًا عن استقلالية مؤسسات الدولة، أو تحقيق مصطلح نعرفه جميعًا وهو "دولة مؤسسات"، وكل ذلك هو نتاج للاستقرار والأمن والإصلاح الإداري الذي بذلت فيه الدولة جهدًا كبيرًا.
أما عن فوائد تخطى حاجز المركزية، فهى عديدة، أولها هو تخفيف العبء من على كاهل الحكومة المركزية وضمان تفعيل القانون واحترامه في ربوع الدولة.
ثانيها، هو ضمان تطبيق أي قرار في نفس التوقيت بالتوازي في كل المحافظات،
ثالثا: يعطى ذلك الأسلوب من الإدارة مساحة أوسع لكل مسئول، لمزيد من العطاء والحافز للارتقاء بمحافظته أكثر وأكثر مع مزيد من الابتكار والإبداع والمنافسة.
مما لاشك فيه أن الإدارة اللامركزية تساهم في حل الأمور البيروقراطية وقد تنهى تلك الأزمة التي عانى منها الجهاز الإداري في مصر طيلة عقود ماضية، مما يضمن حلولا أسرع للمشكلات وسرعة اتخاذ القرار.
أمَا عن وجود هيكل إداري منظم وموحد، فذلك هو صمام الأمان ضد عيوب ذلك الأسلوب من الإدارة، مثل عدم انسجام القرارات أو التضارب أو ضعف التواصل مع الإدارة العليا.
ولكن مع وجود ذلك النظام الإداري الموحد، يتم تجنُب تلك العيوب المعروفة عن اللامركزية.
فتقاسم السلطات بموجب الصلاحيات الموكلة لكل مسئول، هو تخفيف عن الحكومة المركزية ونضوج إداري، كشفت عنه مصر منذ بداية أزمة الطقس وإبان جائحة كورونا ولن يكون مؤقتًا، بل هو بنية تحتية إدارية جديدة من شأنها تحسين حياة المواطن المصري إلى الأفضل.