الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الشباب ما بعد كورونا.. إلى أين؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كثرت الدراسات والتقارير التى أصدرتها المنظمات الدولية والإقليمية وكذلك المؤسسات الحكومية والبحثية عن تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد. صحيح أن التداعيات الاقتصادية استحوذت على النصيب الأكبر من هذه الدراسات والتقارير، وصحيح كذلك أن المخاطر الأمنية كان لها نصيب وافر من ذلك، إلا أنه من الصحيح ايضا أن ثمة أبعاد لم تحظ بالمعالجات الدقيقة والواسعة رغم خطورتها على امن المجتمعات ومستقبلها، ولعل قضية الشباب وتأثيرات كورونا على مستقبلهم تأتى في مقدمة هذه القضايا التى لم تحظ باهتمام وافر، خاصة وأنها قضية ذات أبعاد متعددة سواء تعلق الامر بالتشغيل أو تعلق الأمر بالانعكاسات النفسية والصحية على تواجدهم المنزلى وعلى استقرارهم الأسرى. 
وعليه، ثمة ضرورة مهمة أن تولى المؤسسات الدولية والاقليمية والمحلية اهتماما بدراسة تأثيرات هذه الجائحة على الشباب، على غرار ما أقدمت عليه منظمة العمل الدولية في تقريرها الصادر تحت عنوان "جيل الإغلاق"، حيث كشف عن أن الشباب هم الضحايا الرئيسيون للركود الاقتصادي الذي سببه فيروس كورونا المستجد وأن هناك شاب واحد من بين كل ستة شباب عاطل عن العمل، وأن أولئك الذين احتفظوا بوظائفهم انخفضت ساعات عملهم بنسبة 23%، وأنهم سيضطرون لملاحقة سوق العمل لمدة لا تقل عن عشرة أعوام. وقد طالب التقرير الحكومات بإيلاء اهتمام خاص بهذا الجيل المتأثر بتدابير احتواء الوباء، لتجنب تأثره بالأزمة على المدى الطويل، مؤكدا على ان الشباب يتضررون من الأزمة بشكل غير متناسب، بسبب اضطراب سوق العمل ومجالي التعليم والتدريب.
والحقيقة أن هذا التقرير يمثل جرس إنذار للجميع خاصة إذا علمنا طبقا لما ورد في التقرير ايضا أن نسبة البطالة بين الشباب سجلت 13،6% في عام 2019، وهي أعلى بالفعل مما هي لدى أي فئة سكانية أخرى. وأن هناك نحو 267 مليون شاب عاطلين عن العمل من دون أن يكونوا طلبة أو متدربين. وكان من هم في عمر 15 - 24 سنة ولديهم عمل يعملون بشكل عام بشكل غير مستقر، إما لأنهم يؤدون وظائف منخفضة الأجر أو وظائف غير رسمية، وإما بسبب وضعهم كعمال مهاجرين.
يتضح مما سبق أن ثمة تحدي خطير سيواجه مختلف دول العالم ما بعد انقشاع الازمة، هذا التحدى لا يقل خطورة عن التحديات الاخرى، صحيح انه تحدى ناتج عن التحديات الاقتصادية التى افرزتها الجائحة إلا أن معالجته تتطلب البحث عن مقاربات اخرى لا تنتظر المعالجات المتوقعة للتأثيرات الاقتصادية نظرا لخطورته التى تبدو في أكثر من جانب، فكما هو معلوم ان البطالة هى قنبلة موقوتة ذات تداعيات خطيرة اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا. 
ومن هذا المنطلق، ثمة رؤية اولية يمكن طرحها تتعلق باهمية البحث عن سياسات في المدى القصير تعالج قضية التشغيل من خلال البحث عن مجالات العمل كثيفة العمالة مثل السياحة والمقاولات وغيرها، فضلا عن ذلك ثمة مسئولية تتحملها مؤسسات المجتمع المدنى كشريك رئيس في التنمية، إذ عليها ان تعمل على تنظيم دورات تدريبية لهؤلاء الشباب لتنمية مهاراتهم وقدراتهم بما تتناسب والاحتياجات المستجدة لسوق العمل التى ستشهد بلا شك تغييرات عديدة ما بعد كورونا، إذ من المنتظر أن تتراجع مهن وتبرز مهن جديدة تحتاج إلى مهارات وقدرات جديدة تتطلب بدروها تدريب وتنمية للمهارات. وهذه هى طبيعة مرحلة التحول التى تواجهها كل المجتمعات، فحينما اتجهت الدولة المصرية نحو الخصخصة في بدايات التسعينيات برزت العديد من برامج التدريب التحويلى التى استهدفت اكساب الشباب مهارات تتلاءم ومتطلبات التحول، وهو الامر ذاته الذى تشهده مصر اليوم شأنها في ذلك شأن مختلف دول العالم، ففى ظل التطورات التكنولوجية وتطبيقات الذكاء الاصطناعى ثمة حاجة لان يخوض الشباب غمار مرحلة التحول نحو متطلبات السوق الرقمى وإلا ظل يدور في حلقة مفرغة من البطالة والفقر والتهميش وهو ما سيؤثر على أمن المجتمع واستقراره.